للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه) وفي رواية للبخاري "تجدون شر الناس" و"من" فيها مقدرة، كما سبق، و"أل" في "الناس" هنا للجنس، فذو الوجهين من أفحش الناس شرا، ويؤيده رواية "من شر خلق الله ذو الوجهين". قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس، لأن حاله حال المنافق، إذ هو متملق بالباطل وبالكذب، مدخل للفساد بين الناس، ويحتمل أن تكون "أل" في "الناس" للعهد، والمراد بهم أهل الطائفتين المتضادتين، فإن كل طائفة منهما مجانبة للأخرى ظاهرا، فلا يتمكن من الاطلاع على أسرارها إلا بما ذكر من خداعه الفريقين، ليطلع على أسرارهم، فهو شرهم كلهم. قال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، فيظهر لها أنه منها، ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع، وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين. اهـ. وجاء في رواية الإسماعيلي "الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء، وهؤلاء بحديث هؤلاء". وقال ابن عبد البر: حمله على ظاهره جماعة، وهو أولى، وتأويله قوم على أن المراد به من يرائي بعمله، فيري الناس خشوعا، واستكانة، ويوهمهم أنه يخشى الله، حتى يكرموه، وهو في الباطن بخلاف ذلك، قال: وهذا محتمل لو اقتصر الحديث على صدره "وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين" فإنه داخل في مطلق ذي الوجهين، لكن بقية الحديث ترد هذا التأويل، وهي قوله "يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه".

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الحديث]-

١ - أن الحسب له قيمته في الإسلام.

٢ - أن الفقه والعلم بأمور الشريعة ركن متمم للإسلام.

٣ - ذم السعي وراء الإمارة، ومدح من يعف عنها، ويزهد فيها.

٤ - ذم النفاق والسعي بين الناس بالفساد، ونقل الحديث والأخبار، قال النووي: أما من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود. وقال بعضهم: الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها، ويقبحه عند الأخرى، ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل ما يمكنه من الجميل، ويستر القبيح.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>