للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عبيدة بن الجراح، وبين أبي طلحة) المؤاخاة رباط بين طرفين في حقوق معينة، ليس بينهما أخوة نسب، قال ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين، مرة بين المهاجرين خاصة بمكة، ومرة بين المهاجرين والأنصار. اهـ. وهي المقصودة هنا، وكان ابتداؤها بعد الهجرة بخمسة أشهر، وقيل: بتسعة أشهر، وقيل: بسنة وثلاثة أشهر، قبل بدر، والتحقيق أن ابتداء المؤاخاة كان أوائل قدومه المدينة، واستمر يجددها بحسب من يدخل في الإسلام، أو يحضر إلى المدينة، والتحقيق أيضا أن بعض المؤاخاة كانت بين المهاجرين، بعضهم مع بعض، وبين بعضهم والأنصار، فعند الحاكم "آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عبد الرحمن بن عوف وعثمان، وفيه "آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود" وقد ثبت أيضا أن كل واحد من هؤلاء قد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين رجل من الأنصار، ولا مانع في ذلك، فقد يكون للواحد عدد من الإخوة من النسب، والمقصود من المؤاخاة إرفاق بعضهم ببعض، وتأليف قلوب بعضهم على بعض، وقد يكون البعض أقوى في المال أو العشيرة أو الجاه، فيستعين الأعلى بالأدنى، ويفيد الأدنى من الأعلى، قال السهيلي: آخى بين أصحابه، ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويأتنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، فلما عز الإسلام، واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة، أبطل الإرث بالأخوة، وجعل المؤمنين كلهم إخوة يعني في التواد، وشمول الدعوة اهـ.

وقد ذكر ابن سعد "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين المهاجرين، وآخى بين المهاجرين والأنصار، على المواساة، وكانوا يتوارثون، وكانوا تسعين نفسا، بعضهم من المهاجرين وبعضهم من الأنصار، فلما نزل {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} [الأحزاب: ٦] بطلت المواريث بالمؤاخاة، وبقي بها المعاونة والمواساة.

وفي البخاري "كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث الأنصاري المهاجري، دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم .... ".

وأبو عبيدة بن الجراح مهاجر، خصص لبعض فضائله باب مستقل، قبل خمسة وثلاثين بابا، وأبو طلحة أنصاري، زوج أم سليم، والدة أنس بن مالك.

(قيل لأنس: بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا حلف في الإسلام؟ ) الكلام على الاستفهام، مع حذف الأداة، وهي مذكورة في رواية البخاري، والحلف بكسر الحاء وسكون اللام، العهد، وكأن السائل يشير بذلك السؤال إلى روايتنا الرابعة.

(فقال أنس: قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داره) قال ابن عيينة: حالف بينهم، أي آخى بينهم. اهـ. فمعنى الحلف في الجاهلية معنى الأخوة في الإسلام، لكنه في الإسلام يجري على أحكام الدين وحدوده، وحلف الجاهلية كان يجري على ما كانوا يضعونه بينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>