(وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء) في أصول مسند أحمد "وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء" بدون "من" وهي أظهر، فإن "ما" مصدرية، والمصدر اسم "كان" والتقدير: وكان رفعه رأسه إلى السماء كثيرا.
(النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد) بفتح الهمزة والميم والنون. قال العلماء: الأمنة والأمن والأمان بمعنى يقال: أمن بكسر الميم، يأمن بفتحها، أمنا وأمانا وأمانة، وأمنا بفتح الميم، وإمنا بكسر الهمزة وسكون الميم، وأمنة. اطمأن ولم يخف، والمعنى وجود النجوم في السماء علامة من علامات بقائها، لأن السماء نفسها غير مرئية، فما دامت النجوم باقية فالسماء باقية، فإذا النجوم انكدرت وتناثرت كشطت السماء وانشقت وانفطرت وذهبت.
(وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون) من الفتن والحروب، وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب، ونحو ذلك مما أنذر به صريحا، وقد وقع كل ذلك.
(وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) من ظهور البدع في الدين والفتن فيه، وطلوع قرن الشيطان، وظهور الروم وغيرهم عليهم، وانتهاك المدينة ومكة، وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم، كذا قال النووي. وفيه نظر، لأن كل ما ذكره حصل والصحابة أحياء، لم يذهبوا، ولم يكن وجود الصحابة مانعا من الردة، ولا من قتل عثمان رضي الله عنه، ولا من قتل عشرة آلاف من كبارهم في معركة الجمل وحدها، ولا من انتهاك مكة والمدينة على يد الحجاج، ولا من ظهور الخوارج.
ولعل المراد من أصحابه أصحاب معينون - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، كحديث حذيفة عن الفتنة وأن عمر كان الباب الذي يغلقها، وأن هذا الباب ينكسر بموته رضي الله عنه.
-[فقه الحديث]-
في الحديث معجزة ظاهرة من معجزاته صلى الله عليه وسلم.
وفيه فضيلة لصحابته رضي الله عنهم.
وأن ذهاب النجوم، وانتثار الكواكب، مرتبط بانفطار السماء، وقيام الساعة.
وما كان عليه الصحابة من انتظار الصلاة بعد الصلاة.
واستحباب ذلك، من إقراره صلى الله عليه وسلم لهم، وتحسينه فعلهم.
وأن وجود النبي صلى الله عليه وسلم وحياته أمان لأمته، وصدق الله العظيم إذ يقول:{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}[الأنفال: ٣٣].