للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أذكر الثالث أم لا. بمثل حديث زهدم عن عمران. وزاد في حديث هشام عن قتادة "ويحلفون ولا يستحلفون".

٥٦٣٦ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال: "القرن الذي أنا فيه. ثم الثاني. ثم الثالث".

-[المعنى العام]-

الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم الذين حموا دعوة الإسلام، وحملوها ونشروها، وكان لهم الفضل الأول والأكبر في تحمل أعبائها وأخطار الدفاع عنها ونشرها، باعوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله، فيقتلون ويقتلون، قاتلوا، وهم قلة، وأنفقوا وبهم خصاصة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "سبق درهم ألف درهم" فرجل يملك درهمين أنفق أحدهما في سبيل الله يسبق ألف درهم ينفقها في سبيل الله رجل يملك الملايين. والرسول الكريم يقول: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" يعني ما عادل حفنة من طعام أنفقها أحد الصحابة في صدر الإسلام، بل ما أنفقوا هم قبل فتح مكة وقتالهم قبل فتح مكة أعظم أجرا ودرجة مما أنفقوه بعد الفتح ومما قاتلوه بعد الفتح، مصداقا لقوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما} [النساء: ٩٥] {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير} [الحديد: ١٠] {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم} [الأنفال: ٧٤] {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم} [التوبة: ٢٠، ٢١]

بهذا فضل الله الصحابة على غيرهم، وجعلهم خير القرون في هذه الأمة، وجعل التابعين يلونهم في الفضل، وتابعي التابعين يلون التابعين، وهكذا تتوالى الأجيال، وبقدر تمسكها بشريعتها، ودفاعها عن دينها يكون فضلها وسبقها، حتى تصل الأجيال في ضعفها الديني إلى أنهم يخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ويعدون ولا يوفون، ويصابون بالنهم والجري وراء الدنيا وشهواتها، حتى يسمنوا ثم لا يشبعون، ويتسابقون لشهادة الزور والباطل ويحلفون، يأكلون أموالهم بينهم بالباطل ويظلمون، لا يتناهون عن منكر فعلوه، بل يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويصبح المنكر عندهم معروفا، والمعروف منكرا، وأولئك شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة، والعياذ بالله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>