للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية "تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، وأقسم بالله. ما على الأرض من نفس منفوسة، تأتي عليها مائة سنة" وفي ملحقها "ما من نفس منفوسة اليوم تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ" وفي الرواية الثالثة "لا يأتي مائة سنة، وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم" وفي الرواية الرابعة "ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة" قال الراوي: "إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ" ومعنى "نفس منفوسة" أي مولودة.

(فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحدا" يريد بذلك أن ينخرم القرن) "وهل" بفتح الهاء، يهل بكسرها، من باب ضرب، أي غلط، وذهب وهمه إلى خلاف الصواب، وهو المراد هنا، أما وهل بكسر الهاء يهل بفتحها، من باب حذر، فمعناه، فزع، والوهل بالفتح الفزع، والمعنى أن الصحابة أخذوا يفسرون هذا الحديث تفسيرات خاطئة في مجالسهم إذا تناولوا هذه الأحاديث، فمنهم من يظن أنهم سيعيشون مائة سنة، فظن بعضهم أن أعمار من سيولد قد تصل مائة سنة، ولا تزيد عن مائة سنة، وإنما المراد أن كل نفس منفوسة من الآدميين كانت تلك الليلة حية على الأرض، لا تعيش بعد تلك الليلة فوق مائة سنة، سواء كان عمرها في تلك الليلة قليلا أو كثيرا، وليس فيه نفي عيش أحد يوجد بعد تلك الليلة فوق مائة سنة.

وقول الراوي: "يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن" معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بهذا انقضاء الأحياء الموجودين المعاصرين أهل هذا القرن، وذهابهم قبل مائة عام من هذه المقالة، يقال: انخرم العام، أي ذهب وانقضى، وانخرم القوم، أي فنوا وذهبوا.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: احتج بهذا الحديث من شذ من المحدثين، فقال: الخضر عليه السلام ميت. والجمهور على حياته، كما سبق في باب فضائله، ويتأولون هذه الأحاديث على أنه كان على البحر، لا على الأرض (وهذا مردود، لأن البحر من الأرض) أو أن هذه الأحاديث من العام المخصوص. اهـ.

أو المراد ممن على الأرض من المخاطبين ومن على شاكلتهم، أي الصحابة، أي لا يبقى أحد من الصحابة بعد مائة سنة، ولذلك بحثنا في الباب السابق، في نهاية القرن، وآخر الصحابة موتا، ولم نبحث آخر الناس في جميع بقاع الأرض موتا.

١ - وقال النووي: في الحديث احتراز من الملائكة: فإنهم لا يدخلون في النفس المنفوسة على ظهر الأرض.

٢ - وفيه الأسلوب الحكيم، وهو الجواب على ما ينبغي أن يسأل عنه، لا عما سئل عنه، فإنهم سألوا عن الساعة، متى هي؟ فأجيبوا بأن ساعة كل مخلوق موته، وساعتهم جميعا بوجه عام قبل مائة سنة.

٣ - وفيه مناقشة الصحابة بعضهم بعضا في مجالسهم عن معاني الأحاديث.

٤ - وأنهم قد يخطئون في فهمها.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>