للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرى من الإنسان ومن آداب الشريعة عدم الفجور عند المخاصمة والمقاتلة وعدم النكاية وعدم التمثيل من هنا جاء النهي عن ضرب الوجه عند المخاصمة والمقاتلة والمضاربة ومثل ذلك عند تأديب الزوج لزوجه والأب لابنه والسيد لخادمه وعند إقامة الحدود فلا يجلد الوجه إذا جلد الرجل وإذا كان القصد من النهي عن ضرب الوجه حمايته من التحقير كان تحقيره بغير الضرب منهيا عنه كذلك فلا يبصق عليه ولا يلطخ بالقاذورات والله أعلم

-[المباحث العربية]-

(إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه) وفي ملحق الرواية "إذا ضرب أحدكم" وفي الرواية الثانية "إذا قاتل أحدكم أخاه فليتق الوجه" وفي الرواية الثالثة "إذا قاتل أحدكم أخاه فلا يلطمن الوجه" زاد في الرواية الرابعة "فإن الله خلق آدم على صورته" وعند البخاري في الآدب المفرد "إذا ضرب أحدكم خادمه ... "

و"قاتل" الواردة في بعض الروايات بمعنى ضرب فالمفاعلة ليست على ظاهرها قال الحافظ ابن حجر ويحتمل أن تكون على ظاهرها ليتناول ما يقع عند دفع الصائل مثلا فينهى دافعه عن قصد الضرب في الوجه قال النووي قال العلماء إنما نهي عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن وأكثر ما يقع الإدراك بأعضائه فيخشى من ضربه أن تبطل أو تتشوه الأعضاء كلها أو بعضها والشين فيها فاحش لظهورها وبروزها اهـ

لكن الرواية الرابعة تعلل بتعليل آخر فهي تقول

(فإن الله خلق آدم على صورته) واختلف العلماء في مرجع الضمير وعلى من يعود والأكثرون على أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه والمعنى أكرموا الوجه وابتعدوا عن تشويهه فإن آدم خلق على صورة هذا الوجه وهي صورة حسنة خلقها الله فلا يليق تحقيرها ولطمها وبهذا التأويل ترتبط الجملة بما قبلها

وقالت طائفة الضمير يعود إلى آدم أي خلق آدم على صفة آدم أي خلقه موصوفا بالحسن والجمال قال الحافظ ابن حجر وهذا محتمل وقال النووي وفيه ضعف

وقال القرطبي أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن" اهـ قال الحافظ وأخرجها ابن أبي عاصم بلفظ يرد التأويل الأول قال "من قاتل فليتجنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن فتقرر إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه وسيأتي في فقه الحديث مزيد لهذه المسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>