مسخ القردة والخنازير والمصدر مضاف للمفعول والتقدير مسخ الله لنا قردة وخنازير وفي الرواية الثانية "فقال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ؟ " والمعنى هل القردة والخنازير التي نراها اليوم هي مما مسخ من بني إسرائيل؟
(فقال إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك) أي الجواب بالنفي من وجهين الأول: أن الممسوخ لا ينسل ولا يكون له عقب وهذا أمر يرجع إلى الوحي وحكمة الله تعالى الثاني: أن القردة والخنازير مخلوقة قبل بني إسرائيل وقبل مسخ بني إسرائيل
وفي الرواية الثانية "وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك" بضمير الذكور العقلاء في "كانوا" مجازا لكونه جرى في الكلام ما يقتضي مشاركتهما للعقلاء كما في قوله تعالى {رأيتهم لي ساجدين}[يوسف ٤]
-[فقه الحديث]-
قال النووي هذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك وأما ما ورد في حديث "صلة الرحم تزيد في العمر" ونظائره فقد سبق تأويله في باب صلة الرحم واضحا قال المازري هنا قد تقرر بالدلائل القطعية أن الله تعالى أعلم بالآجال والأرزاق وغيرها وحقيقة العلم معرفة المعلوم على ما هو عليه فإذا علم الله تعالى أن زيدا يموت سنة خمسمائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها لئلا ينقلب العلم جهلا فاستحال أن الآجال التي علمها الله تعالى تزيد وتنقص فيتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبة إلى ملك الموت أو غيره ممن وكله الله تعالى بقبض الأرواح وأمره فيها بآجال محدودة فإنه بعد أن يأمره بذلك أو يثبته في اللوح المحفوظ ينقص منه أو يزيد على حسب ما سبق به علمه في الأزل وهو معنى قوله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت}[الرعد ٣٩] وعلى ما ذكرناه يحمل قوله تعالى {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده}[الأنعام ٢]
قال النووي واعلم أن مذهب أهل الحق أن المقتول مات بأجله وقالت المعتزلة قطع أجله ثم قال فإن قلت ما الحكمة في نهيها عن الدعاء بالزيادة في الأجل وندبها إلى الدعاء بالاستعاذة من العذاب مع أنه مفروغ منه كالأجل فالجواب أن الجميع مفروغ منه لكن الدعاء بالنجاة من عذاب النار ومن عذاب القبر ونحوهما عبادة وقد أمر الشرع بالعبادات وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة وكما لا يحسن ترك الصلاة والصوم اتكالا على القدر فكذلك الدعاء بالنجاة من النار ونحوه