عنى علماء التفسير بموضوع المحكم والمتشابه وقد بسطت القول فيه في كتاب اللآلئ الحسان في علوم القرآن" ونوجز القول هنا بما يحقق الهدف من الحديث
وقد اختلف المفسرون والأصوليون وغيرهم فيه اختلافا كثيرا وهذا موجز لأهم أقوالهم
١ - المتشابه أمر مدة هذه الأمة فإن علمه خفي عن العباد
٢ - المحكم من القرآن ما وضح معناه لوضوح المفردات والتراكيب والمتشابه نقيضه
٣ - المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل والمتشابه ما استأثر بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المتقطعة في أوائل السور
٤ - المحكم ما يعرفه الراسخون في العلم والمتشابه ما لم يعلموه وهو قريب من سابقه
٥ - المحكم الوعد والوعيد والحلال والحرام والمتشابه القصص والأمثال
والزيغ عدم الاستقامة ويقابل الرسوخ في العلم الذي لا يحصل إلا بعد التتبع التام الاجتهاد البليغ فإذا استقام القلب على طريق الرشاد ورسخ القدم في العلم أفصح صاحبه النطق بالقول الحق وفي هذا ميل إلى أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه والوقف في الآية على {في العلم} و {الراسخون} معطوف على لفظ الجلالة ويحتمل أن يكون الوقف على {وما يعلم تأويله إلا الله} ثم يبتدئ قوله تعالى {والراسخون في العلم يقولون آمنا به}
قال النووي وكل واحد من القولين محتمل واختاره طوائف والأصح الأول وأن الراسخين يعلمونه لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته وقد اتفق أصحابنا وغيرهم من المحققين على أنه يستحيل أن يتكلم الله تعالى بما لا يفيد اهـ
ويقول الآخرون لا مانع أن يكون في القرآن الكريم ما لا يدركه عقول البشر وما استأثر الله بعلمه كالحكيم إذا صنف كتابا أجمل فيه أحيانا ليكون موضع خضوع المتعلم لأستاذه وكالملك يتخذ علامة يمتاز بها من يطلعه على سر ولو لم يخضع العقل الذي هو أشف البدن لاستمر العالم في أبهة العلم ووصل إلى حد التمرد فخضوعه يدفعه إلى التذلل لعز الربوبية والمتشابه هو موضع خضوع العقول لباريها استسلاما واعترافا بقصورها
ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله تعالى {كتاب أحكمت آياته} [هود ١] ولا قوله تعالى {كتابا متشابها مثاني} [الزمر ٢٣] حتى زعم بعضهم أن كله محكم وعكس آخرون لا تعارض لأن المراد بالإحكام في قوله "أحكمت" الإتقان في النظم وأن كلها حق من عند الله والمراد من المتشابه كونه يشبه بعضه بعضا في حسن السياق والنظم وليس المراد اشتباه معناه على سامعه فللمحكم معنيان وللمتشابه معنيان
(إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وفي رواية "فاحذرهم" بالإفراد والخطاب لكل من يتأتى خطابه