كانت السنة رفع الصوت بالتكبير والتهليل كلما علا مرتفعا وكلما هبط واديا لكن بعض الصحابة بالغوا في رفع الصوت ظنوه كلما رفعوا أصواتهم زاد ثوابهم فقال لهم صلى الله عليه وسلم ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه أو لصممه ليسمعه وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولا غائب ولا بعيد بل هو سميع قريب وهو معكم وهو أقرب إلى أحدكم من جاره بل من عنق راحلته بل من حبل وريده والله تعالى يقول {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين}[الأعراف ٢٠٥] ويقول {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}[الإسراء ١١٠]
-[المباحث العربية]-
(فجعل الناس يجهرون بالتكبير) أي يرفعون أصواتهم بأعلى ما يمكنهم وأل في "الناس" للعهد والمقصود الصحابة الذين صحبوه صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة وكانوا عائدين وفي الرواية الثانية "أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصعدون في ثنية" أي في مرتفع في جبل "فجعل رجل كلما علا ثنية نادى لا إله إلا الله والله أكبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ... "
(اربعوا على أنفسكم)"اربعوا" بهمزة وصل مكسورة بعدها باء مفتوحة أي ارفقوا بضم الفاء ولا تجهدوا أنفسكم
(إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا) في الرواية الثانية "لا تنادون أصم ولا غائبا" وزاد في رواية للبخاري "تدعون سميعا بصيرا قريبا"
(وأنا خلفه وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله فقال يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس) الشك أنه ناداه بكنيته أو باسمه واسم أبيه
(ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت بلى يا رسول الله) معنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أنفس الأموال وفي الرواية الثانية "ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة" والكلمة في اللغة تطلق على الكلام والرواية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم سمعه يقولها فمعنى
(قل لا حول ولا قوة إلا بالله) أي دم على قولها وأكثر من قولها والحول الحركة والحيلة والمعنى لا حركة ولا استطاعة لي ولا حيلة لي في شيء من الأشياء أو في عمل من الأعمال إلا بمشيئة الله تعالى فهي كلمة استسلام وتفويض واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره ويعبر عن هذه الجملة بالحوقلة وقيل الحولقة