للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله فاقض في ما شئت أي من حد أو تعزير وربما ظن الرجل أن ما فعله يستوجب حد الزنا إذ جاء في الرواية الثالثة أصبت حدا فأقم في كتاب الله والجمع بين قول عمر هنا وبين تعظيمه أنه في أول الأمر عظمه وشدد على الرجل مستقبحا الفعل فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعظم على الرجل خف عنده الجرم وطبق قاعدة ستر المسلم على نفسه وإنما لم يرد صلى الله عليه وسلم لأنه انتظر الوحي والجواب من الله وقد بدت له بشائر الوحي في الحال والسبب في انطلاق الرجل دون انتظاره أن أدب الإسلام علمهم أن عدم رد النبي صلى الله عليه وسلم انصراف عن السؤال وعن صاحبه وعدم رضا عليه فكانوا يخشون سوء عاقبة الإلحاح وقوله فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه معطوف على محذوف أي فأوحى إليه بالآية فأرسل خلف الرجل وقد بين ملحق الرواية أن الذي سأل عن عموم الآية أو خصوصها هو معاذ بن جبل فلعله هو الذي أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لإعادة الرجل

قال النووي هكذا تستعمل "كافة" حالا أي كلهم ولا يضاف فلا يقال كافة الناس ولا الكافة بالألف واللام وهو معدود في تصحيف العوام

وتوضح الرواية الرابعة أن الرجل سأل سؤاله قبل الصلاة ثم بعد أن صلى فقوله في الرواية "ثم أعاد" أي بعد أن صلى فذكر بعض الرواة ما لم يذكر الآخر وقدم بعض الرواة ما أخر الآخر

وأحداث القصة حسبما أرجح أن الرجل سأل فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقيمت الصلاة فصلى وصلوا فلما انصرف صلى الله عليه وسلم من الصلاة تبعه الرجل فأعاد السؤال فسكت صلى الله عليه وسلم وانطلق الرجل فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآية فأرسل من يحضر الرجل فجاء فأعاد السؤال وأبو أمامة والصحابة ينظرون ويرقبون الجواب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوضأت فأحسنت الوضوء قبل أن تخرج من بيتك قال نعم قال وشهدت معنا الصلاة قال نعم يا رسول الله قال إن من أحسن الوضوء فصلى غفر له ما قدم من صغائر الذنوب وقد غفر الله لك وأنزل قرآنا بشأنك وشأن أمثالك ثم قرأ الآية

-[فقه الحديث]-

قال النووي الحد الوارد في الحديث معناه معصية من المعاصي الموجبة للتعزير وهي هنا من الصغائر لأنها كفرتها الصلاة ولو كانت كبيرة موجبة لحد أو غير موجبة له لم تسقط بالصلاة فقد أجمع العلماء على أن المعاصي الموجبة للحدود لا تسقط حدودها بالصلاة

هذا هو الصحيح في تفسير هذا الحديث وحكى القاضي عن بعضهم أن المراد بالحد الحد المعروف قال وإنما لم يحده لأنه لم يفسر موجب الحد ولم يستفسره النبي صلى الله عليه وسلم عنه إيثارا للستر بل المستحب تلقين الرجوع عن الإقرار بموجب الحد صريحا اهـ

وقال الحديث صريح في أن الحسنات تكفر السيئات واختلفوا في المراد بالحسنات هنا فنقل

<<  <  ج: ص:  >  >>