للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرواية الثانية "ثم خرج من قريته إلى قرية فيها قوم صالحون فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فناء بصدره ثم مات "ناء" بفتح النون مع المد أي بعد بصدره أي مال به ومده نحو القرية الصالحة وضبطه بعضهم "نأى" أي بعد عن الأرض التي خرج منها

(فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة) في الرواية الثانية "فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها" وفي رواية البخاري "فأوحى الله إلى هذه" أي القرية الصالحة أن تقربي وأوحى الله إلى هذه أي القرية السوء أن تباعدي فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد بشبر ومن هذه الروايات يعلم أن قوله في الرواية الأولى "حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت" فيه مجاز المشارفة والمقاربة أي حتى إذا كاد الطريق ينتصف أتاه مقدمات الموت

-[فقه الحديث]-

قال النووي مذهب أهل العلم وإجماعهم على صحة توبة القاتل عمدا ولم يخالف أحد منهم إلا ابن عباس معتمدا على ظاهر قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} [النساء ٩٣] قال النووي وإما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته والحديث وإن كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف فليس موضع الخلاف وإنما موضعه إذا لم يرد في شرعنا ما يوافقه ويقرره فإن ورد كان شرعا لنا بلا شك وهذا قد ورد شرعنا به وهو قوله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ... } إلى قوله تعالى {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ... } [الفرقان ٦٨ - ٧٠] الآية وأما قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} [النساء ٩٣] فالصواب في معناها أن جزاءه جهنم وقد يجازى به وقد يجازى بغيره وقد لا يجازى فيعفى عنه فإن قتل عمدا مستحلا له بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد يخلد به في جهنم بالإجماع وإن كان غير مستحل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص مرتكب كبيرة جزاؤه جهنم خالدا فيها لكن بفضل الله تعالى وبخبره الصادق أنه لا يخلد من مات موحدا فيها فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد في النار فهذا هو الصواب في معنى الآية ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن يتحتم ذلك الجزاء وليس في الآية إخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>