(سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك)"حين تخلف" ليست ظرفا لسمعت ولا ليحدث وإنما هي حال من "حديثه" أي حديثه وقصته الواقعة وقت تخلفه
(لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر) وسيعتذر عن تخلفه عن غزوة بدر ثم يحكي قصة تبوك واستخدم أسلوب اللف والنشر المشوش فقدم تبوك أولا لأهميتها ولأنها صاحبة المقام وقدم عذر بدر لأنها الأولى في الواقع ولطول كلامه عن تبوك وذكر هذه الجملة توطئة لتقدير جهاده وقبول اعتذاره وقد شهد الغزوات كلها كما قال عدا بدر وتبوك
(ولم يعاتب أحدا تخلف عنه) فاعل يعاتب ضمير رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد) هذا اعتذاره عن تخلفه عن بدر وأنه لم يعاتب متخلف إذ لم تكن عزيمة فلا عتب عليه في تخلفه على أنه كان قد قدم منقبة قبلها تغطي ضياع فضل بدر عليه وهي
(ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها) العقبة معروفة في طرف منى وهي التي يضاف إليها جمرة العقبة وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم أهل المدينة بيعتين في عامين الأول بايع فيها ستة نفر من الخزرج ثلاثة منهم من بني سلمة قبيلة كعب بن مالك ولم يكن فيهم كعب وبايع في البيعة الثانية ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين حضرها كعب رضي الله عنه وكلهم من الأنصار ومعنى قوله "حين تواثقنا على الإسلام" أي حين تبايعنا عليه وتعاهدنا ولم يذكر الإيواء الوارد في هذه البيعة تأدبا ومعنى قوله "وإن كانت بدر أذكر في الناس منها" أي وإن كانت بدر أشهر عند الناس بالفضل والذكر
(وكان من خبري حين تخلفت .... أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه ... إلخ) أي لا عذر لي من حيث الصحة والمرض ولا من حيث القدرة المالية فقد كان شابا قويا لم يتجاوز الثالثة والثلاثين وكان يملك راحلتين كان من السهل أن يجاهد بواحدة ويحمل عددا من المسلمين على راحلة وقد عذر الله تعالى غير القادر صحيا أو ماليا فقال {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون}[التوبة ٩١ - ٩٢] أي فلا عذر لي من هذه الناحية وهذه مصادقة حميدة مع النفس ومع الغير ثم زاد المسئولية وعدم العذر بأمور أخرى هي