لهما يوم القيامة انطويا طوعا أو كرها وكونا على إصبعين من أصابعي فتقولان أتينا طائعين منظر رهيب لكنه لا يراه إلا هو فإنه يكون بعد فناء الخلق وكل شيء هالك إلا وجهه يكون بعد فناء الملوك والجبابرة وبعد العودة إلى ما يشبه المبدأ المبدأ الذي كان الله فيه ولا شيء معه حينئذ يقول جل جلاله لمن الملك اليوم فيجيب نفسه لله الواحد القهار
-[المباحث العربية]-
(إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة)"العظيم" تصلح عظم قدر وعظم مقدار أما السمين فلا تصلح عظم قدر ومكانة إلا على المجاز والاستعارة ومن هنا ذهب بعض العلماء إلى أن الموازنة في القدر والمنزلة فصاحب المنزلة والسطوة في الدنيا قد يكون لا قدر له ولا منزلة في الآخرة وبعضهم ذهب إلى أن الموازنة في الكمية والمقدار فضخم الجثة في الدنيا قد يكون هزيل الجسم يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة وهذا القول الثاني لا يصح لأن الأجسام لا أثر لها والعبرة بالأعمال
(اقرءوا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}[الكهف ١٠٥]) ونفي الوزن مستعمل بكثرة في نفي القيمة والمكانة
(جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم)"الحبر" بفتح الحاء وسكون الباء العالم وغلب هذا إذا أطلق على عالم أهل الكتاب قال تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}[التوبة ٣١]
(إن الله يمسك السماوات يوم القيامة على أصبع والأرضين على إصبع والجبال والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول أنا الملك أنا الملك) قال النووي هذا من أحاديث الصفات وقد سبق فيها المذهبان التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها مع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد فعلى قول المتأولين يتأولون الأصابع هنا على الاقتدار أي يقتدر على هذه الأجرام الكبرى كما لو كانت على طرف أصبع بلا ملل ولا تعب والناس يذكرون الإصبع في مثل هذا للمبالغة والاحتقار فيقول أحدهم بإصبعي أقتل زيدا أي لا كلفة علي في قتله ويحتمل أن المراد أصابع بعض مخلوقاته وهذا غير ممتنع والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة اهـ والمراد من "هزهن" المبالغة في السهولة وعظم القدرة
وانظر جعل الجبال والشجر على إصبع مع أنها من الأرض وجعل الماء والثرى على إصبع مع أنها من الأرض والأرض بكمالها بما فيها وما عليها لا تعدل شيئا بجوار المجرات والسموات فلو وضعت على إصبع كانت كذرة رمل مما يرشح أن الكلام على التمثيل
وانظر الآية الكريمة المعبرة عن هذا المعنى والمستشهد بها عليه أو المردود بها عليه