افتدى به} [آل عمران ٩١] ويقول {يوم لا ينفع مال ولا بنون}[الشعراء ٨٨] ويقول {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا}[المعارج ١١ - ١٥]
إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة تصغر الدنيا كلها أمام هول ما يلاقى فكيف بمن عظمت ناره واشتد عذابه إن الله تعالى سيبكت الظالمين والكافرين يوم القيامة لإيلامهم النفسي مع آلامهم الجسمية فيقول لهم لو أن لكم ملك الأرض كلها ورجعتم إلى الدنيا وطلب منكم أن تفدوا أنفسكم بما تملكون أكنتم تفدون أنفسكم بما تملكون فيقولون نعم فيقال لهم كذبتم فقد طلب منكم طلب يسير جدا ليكون فداء لعذابكم أن لا تشركوا بالله شيئا فأشركتم ولو رددتم لعدتم
-[المباحث العربية]-
(قد أردت منك أهون من هذا) قال النووي المراد بأردت طلبت منك وأمرتك وقد أوضحه في الروايتين الأخيرتين بقوله "قد سئلت أيسر" فيتعين تأويل "أردت" على ذلك جمعا بين الروايات لأنه يستحيل عند أهل الحق أن يريد الله تعالى شيئا فلا يقع
(كذبت) معناه أن يقال له لو رددناك إلى الدنيا وكانت لك كلها أكنت تفتدي بها فيقول نعم فيقال له كذبت قد سئلت أيسر من ذلك فأبيت ويكون هذا من معنى قوله تعالى {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه}[الأنعام ٢٨] ولا بد من هذا التأويل ليجمع بينه وبين قوله تعالى {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة}[الزمر ٤٧] أي لو كان لهم يوم القيامة ما في الأرض جميعا ومثله معه وأمكنهم الافتداء لافتدوا
-[فقه الحديث]-
قال النووي مذهب أهل الحق أن الله تعالى مريد لجميع الكائنات خيرها وشرها ومنها الإيمان والكفر فهو سبحانه وتعالى مريد لإيمان المؤمن ومريد لكفر الكافر خلافا للمعتزلة في قولهم إنه أراد إيمان الكافر ولم يرد كفره تعالى الله عن قولهم الباطل فإنه يلزم من قولهم إثبات العجز في حقه سبحانه وأنه وقع في ملكه ما لم يرده
قال وأما هذا الحديث فقد بينا تأويله وأن المراد من "أردت منك" أمرتك بدلالة الروايات الأخرى
قال وفي هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن يقول الإنسان الله يقول وقد أنكره بعض السلف وقال يكره أن يقول الله يقول وإنما يقال قال الله
والصواب جوازه وبه قال عامة العلماء من السلف والخلف وبه جاء القرآن العزيز في قوله تعالى {والله يقول الحق}[الأحزاب ٤] وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مثل هذا.