للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال القرطبي وأما الحشران اللذان في الآخرة فأولهما حشر الأموات من قبورهم جميعا بعد البعث إلى الموقف قال تعالى {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} [الكهف ٤٧] وثانيهما حشرهم إلى الجنة أو النار اهـ

وحديثنا "يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا" يتحدث عن الحشر الأول من حشرى الأخرة وهو الجمع بعد البعث والسوق إلى أرض المحشر و"حفاة" أي بدون نعال و"عراة" لا ثياب تسترهم و"غرلا" بضم الغين وسكون الراء أي غير مختونين جمع أغرل وهو الذي لم يختتن وبقيت معه غرلته وهي قلفته وهي الجلدة التي تقطع في الختان والمقصود أنهم يحشرون كما خلقوا لا شيء معهم ولا يفقد منهم شيء

(النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض) عقبت عائشة على "عراة" واستنكرت الوضع بما جبلت عليه من الحياء والتحرز من رؤية العورات فعند ابن أبي شيبة "قلت يا رسول الله فما نستحي" وعند النسائي "قلت يا رسول الله فكيف بالعورات" وعند الترمذي والحاكم "فقالت واسوأتاه" و"النساء" مرفوع نائب فاعل لمحذوف مأخوذ من الجملة الأولى وفي الكلام استفهام تعجبي أي أيحشر النساء والرجال جميعا وجملة "ينظر بعضهم إلى بعض" حالية وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجواب هذا القيد فقط مع ثبوت المقيد فقال

(الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض) وعند البخاري "الأمر أشد من أن يهمهم ذلك" وعند النسائي والحاكم {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} [عبس ٣٧] زاد الترمذي "لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال شغل بعضهم عن بعض"

(ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام) سبق الكلام عنه

(ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي ... ) سبق الكلام عنه

(يحشر الناس على ثلاث طرائق) أي ثلاث فرق

(راغبين راهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار ... ) هذه هي الفرق الثلاث فعلى ما ذهب إليه الخطابي وتبعه النووي من أن هذا عن الحشر في آخر زمان الدنيا تكون الفرقة الأولى هي من اغتنم الفرصة وسار على الفسحة من الظهر والزاد راغبا فيما يستقبله راهبا فيما يستدبره الصنف الثاني من توانى حتى قل الظهر وضاق بهم فاشتركوا وركبوا مترادفين إذا أطاق البعير ومتعاقبين في العدد الأكثر عن طاقة البعير ويشارك هؤلاء في فرقتهم المشاة الفارون القادرون الصنف الثالث المعبر عنه بقوله "وتحشر بقيتهم النار" فهم الذين عجزوا عن تحصيل ما يركبونه وعجزوا عن إنقاذ أنفسهم من الفتن فوقعوا فيها

أما على ما ذهب إليه الغزالي ومال إليه الحليمي من أن هذا الحشر في الآخرة وعند الخروج

<<  <  ج: ص:  >  >>