للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال العلماء وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي فإما أن يكون الدجال ساحرا فيخيل الشيء بصورة عكسه وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارا وباطن النار جنة وهذا هو الراجح وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة وعن المحنة والنقمة بالنار فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يئول أمره إلى دخول نار الآخرة وبالعكس ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة والفتنة فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار فيظنها جنة وبالعكس

(ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل) "خفض ورفع" بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان أحدهما حقر وعظم فمن تحقيره وهوانه وصفه بالعور وبأنه أهون على الله من ذلك كما في الرواية الرابعة عشرة وبأنه يريد قتل الرجل ثانية فيعجز عنه كما في آخر الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة وبأنه يقتل بعد ذلك هو وأتباعه ومن تفخيمه وتعظيمه هذه الأمور الخارقة للعادة وما من نبي إلا وقد أنذر قومه به الوجه الثاني أنه خفض من صوته بعد أن أكثر الكلام فيه ليستريح ثم رفع صوته ليبلغ كل أحد

(غير الدجال أخوفني عليكم) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "أخوفني" بنون بعد الفاء وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين قال ورواه بعضهم بحذف النون وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد قال بعضهم تضمن لفظ الحديث ما لا يعتاد من إضافة "أخوف" إلى ياء المتكلم مقرونة بنون الوقاية وهذا الاستعمال إنما يكون في الأفعال المتعدية قال لكن ولأفعل التفضيل شبه بالفعل وخصوصا بفعل التعجب فجاز أن تلحقه النون المذكورة ويحتمل أن يكون معناه "أخوف لي" فأبدلت النون من اللام

وأما معنى الجملة ففيه أوجه أظهرها أنه من أفعل التفضيل وتقديره غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم والثاني بأن يكون "أخوف" من أخاف بمعنى "خوف" ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم يشير إلى الفتن القريبة منهم فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه يشتد الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه به ولو كان أشد

(إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم) أي فأنا مدافع عنكم وراد لكيده وإن يخرج بعدي فكل امرئ مسئول عن نفسه وأستعين بالله أن يعين كل مسلم على الدجال

(إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن) "القطط" بفتح القاف والطاء وروى بكسر الطاء الأولى شديد القصر وقيل شديد جعودة الشعر وعبد العزى رجل من بني المصطلق من خزاعة هلك في الجاهلية وأخرج أحمد والحاكم "وأشبه من رأيت به أكتم بن أبي الجون فقال أكتم يا رسول الله أيضرني شبهه قال لا إنك مسلم وهو كافر"

(إنه خارج خلة بين الشام والعراق) قال النووي هكذا في نسخ بلادنا "خلة" بفتح الخاء

<<  <  ج: ص:  >  >>