وكان في القوم رجل أصيب بسيف ابن عمه السكران، وهو يخفي إصابته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحياء، فلما سمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالغ في إخفاء جراحته وقال: يا رسول الله، ففي أي الأوعية ننقع التمر والزبيب لنشربه.
قال: هذه الأوعية تخفي التخمر فتوقعكم في شرب المسكر، ولكن انقعوا في القرب في أوعية الجلد المدبوغ، التي يربط على أفواهها، فإنها لا تخفي التخمر، لأن ما ينبذ فيها إذا تخمر شقها.
قالوا: يا رسول الله، إن أرضنا يكثر فيها الفأر الذي يأكل الجلد، فلا يبقى لنا أسقية القرب، ولا وعاء من هذا النوع، فهل من رخصة؟ .
قال صلى الله عليه وسلم: لا رخصة وإن أكله الفأر. وإن أكله الفأر. وإن أكله الفأر.
وعاد الوفد إلى حيه وأرضه حاملا معه مشعل الإسلام، يسبقون غيرهم من أهل القرى.
فكان مسجد عبد القيس بالبحرين أول مسجد تجمع فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فرضي الله عنهم ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
الرواية الأولى
(قدم وفد عبد القيس) الوفد الجماعة المختارة من القوم ليتقدموهم في لقاء العظماء والمصير إليهم في المهمات، واحدهم وافد، زاد بعضهم: وأن يكون قدومهم من بعد، فإن لم يكونوا من بعد فليسوا بوفد، والمراد من عبد القيس هنا اسم القبيلة، أي قدم وفد قبيلة عبد القيس.
(إنا هذا الحي من ربيعة) ينسبون قبيلتهم إلى الجد الرابع لعبد القيس تشرفا به، إذ عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
و"هذا الحي" منصوب على الاختصاص، والخبر "من ربيعة" أي إنا حي من ربيعة كما جاء في بعض الروايات "والحي" اسم لمنزل القبيلة، ثم سميت القبيلة به، لأن بعضهم يحيا ببعض.
(وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر) أي وقف في طريقنا إليك كفار مضر يمنعوننا من الوصول إليكم، لأن مساكنهم بين مساكننا وبين المدينة، فعبد القيس تنزل في البحرين والأحساء في شرق الجزيرة العربية على الخليج العربي، والمدينة في غربها على خط عرض واحد تقريبا.
(فلا نخلص إليك) أي لا نصل سالمين إليك.
(إلا في شهر الحرام) هكذا في الأصول كلها بإضافة "شهر" إلى "الحرام" وفي رواية: "في أشهر الحرام" وهو من إضافة الموصوف إلى صفته كقولهم: مسجد الجامع، وهي جائزة عند