للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فإنكم ترونه كذلك" "ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما" "وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى- في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا، حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ثم يضرب الصراط".

وفي الرواية الثالثة: "حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى، من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين -سبحانه وتعالى- في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. لا نشرك بالله شيئا- مرتين أو ثلاثا- حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم".

ومن هذه الألفاظ يتضح أن هذه الرؤية في نهاية موقف الحشر، وقبل ضرب الصراط.

وفي شرحها يقول الإمام النووي: اعلم أن لأهل العلم في أحاديث الصفات وآيات الصفات قولين:

أحدهما: وهو مذهب معظم السلف أو كلهم - أنه لا يتكلم في معناها، بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته، مع اعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن التجسم والانتقال والتحيز في جهة، وعن سائر صفات المخلوق.

والقول الثاني: -وهو مذهب معظم المتكلمين- أنها تتأول على ما يليق بها على حسب مواقعها، وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله، بأن يكون عارفا بلسان العرب وقواعد الأصول والفروع، ذا رياضة في العلم، فعلى هذا المذهب يقال هنا: إن إتيان الله تعالى عبارة عن رؤيتهم إياه، لأن العادة أن من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالإتيان، فعبر بالإتيان هنا عن الرؤية مجازا. وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى، سماه إتيانا. وقيل: المراد بيأتيهم الله، يأتيهم بعض ملائكة الله. قال القاضي عياض: هذا الوجه أشبه عندي بالحديث، ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرة على الملك والمخلوق، قال: أو يكون معناه: يأتيهم الله في صورة، أي يأتيهم بصورة، ويظهر لهم من صور ملائكته ومخلوقاته التي لا تشبه صفات الإله لتختبرهم، فإذا قال لهم هذا الملك، أو هذه الصورة: أنا ربكم، رأوا عليه من علامات المخلوق ما ينكرونه ويعلمون أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>