والمجاهر الذي يظهر معصيته ويكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها لغير ضرورة ولا حاجة و"المجاهر" اسم فاعل من "جاهر" بكذا بمعنى جهر به يقال جهر بأمره وأجهر به وجاهر به وتكون المفاعلة هنا للمبالغة أو المفاعلة على ظاهرها من الجانبين ويكون المراد بالمجاهرين الذين يفاخر بعضهم بعضا بالمعاصي
(وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ... إلخ) قال النووي كذا هو في جميع النسخ "الإجهار" إلا نسخة ابن ماهان ففيها "وإن من الجهار" وهما صحيحان الأول من أجهر والثاني من جهر
وأما قول مسلم قال زهير "وإن من الهجار" بتقديم الهاء على الجيم فقيل إنه خلاف الصواب قال النووي وليس كذلك بل هو صحيح قال القاضي عياض هو الفحش والخنا وكثرة الكلام وهو قريب من معنى المجانة الواردة في بعض الروايات "وإن من المجانة" بدل المجاهرة والماجن هو الذي يستهتر في أموره ولا يبالي بما قال وما قيل له
بل رجح الحافظ ابن حجر رواية "وإن الهجار" بتقديم الهاء فقال بل الذي يظهر رجحان هذه الرواية لأن الكلام المذكور بعده لا يرتاب أحد أنه من المجاهرة فليس في إعادة ذكره كبير فائدة وأما الرواية بلفظ المجانة [أو معناها] فتفيد معنى زائدا وهو أن الذي يجاهر بالمعصية يكون من جملة المجان والمجانة مذمومة شرعا وعرفا فيكون الذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين إظهار المعصية وتلبسه بفعل المجن
وأما قول عياض [وأما لفظ الهجار فبعيد لفظا ومعنى لأن الهجار الحبل أو الوتر تشد به يد البعير ولا يصح له هنا معنى] فقد رده الحافظ ابن حجر بقوله بل له معنى صحيح أيضا فإنه يقال هجر وأهجر إذا أفحش في كلامه فهو مثل جهر وأجهر فما صح في هذا صح في هذا ولا يلزم من استعمال الهجار في معنى الحبل أن لا يستعمل مصدرا من الهجر بضم الهاء
-[فقه الحديث]-
أخرج الحاكم عن ابن عمر رفعه "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله"
قال ابن بطال في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها وإذا تمحص حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته كل ذلك اهـ
والحديث صريح في ذم من يجاهر بالمعصية وهذا يستلزم مدح من يستتر