ذنوب أمته. قال النووي: فعلى هذا يكون المراد الغفران لبعضهم، أو سلامتهم من الخلود في النار، وقيل: هو تنزيه له من الذنوب، وقيل: غير ذلك. والله أعلم.
وقد استدل بهذا الحديث من جواز الخطايا على الأنبياء، وأجاب القاضي عياض عن أصل المسألة فقال: لا خلاف في عصمتهم من الكفر بعد النبوة وكذا ما قبلها على الصحيح.
وكذا القول في الكبيرة، ويلتحق بها ما يزري بفاعله من الصغائر.
وكذا القول في كل ما يقدح في الإبلاغ من جهة القول.
واختلفوا في الفعل، فمنعه بعضهم حتى في النسيان، وأجاز الجمهور السهو لكن لا يحصل التمادي.
واختلفوا فيما عدا ذلك كله من الصغائر، فذهب جماعة من أهل النظر إلى عصمتهم منها مطلقا، وأولوا الحديث والآيات الواردة في ذلك بضروب من التأويل؛ ومن جملة ذلك أن الصادر عنهم إما أن يكون بتأويل من بعضهم، أو بسهو، أو بإذن، لكن خشوا ألا يكون ذلك موافقا لمقامهم فأشفقوا من المؤاخذة أو المعاتبة، قال: وهذا أرجح المقالات، ليس هو مذهب المعتزلة -وإن قالوا بعصمتهم مطلقا- لأن منزعهم في ذلك هو التكفير بالذنوب مطلقا، ولا يجوز على النبي الكفر، ومنزعنا أن أمة النبي مأمورة بالاقتداء به في أفعاله، فلو جاز منه وقوع المعصية للزم الأمر بالشيء الواحد والنهي عنه في حالة واحدة، وهو باطل، ثم قال: وجميع ما ذكر في حديث الباب لا يخرج عما قلناه، لأن أكل آدم من الشجرة كان عن سهو، وطلب نوح نجاة ولده كان عن تأويل، ومقالات إبراهيم كانت معاريض، وأراد بها الخير، وقتيل موسى كان كافرا. اهـ. والله أعلم.
٤ - أنواع الشفاعة وكيفيتها ومذاهب العلماء فيها.
أما أنواع الشفاعة فقد قال النووي تبعا للقاضي عياض: الشفاعة خمس:
أ- في الإراحة من هول الموقف.
ب- وفي إدخال قوم الجنة بغير حساب.
جـ- وفي إدخال قوم حوسبوا، فاستحقوا العذاب ألا يعذبوا.
د- وفي إخراج من أدخل النار من العصاة.
هـ- وفي رفع الدرجات، وزاد القاضي عياض: شفاعته صلى الله عليه وسلم للتخفيف عن أبي طالب في العذاب.
وزاد القرطبي: إنه أول شافع في دخول أمته الجنة قبل الناس.
وسنتناول كل واحدة بشيء من التفصيل، وبالله التوفيق.
الشفاعة العظمى للإراحة من هول الموقف: ودليلها ما جاء في الرواية الأولى، والثالثة،