للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(عن عقبة بن عامر) الجهني الصحابي المشهور، أحد الجامعين للقرآن، وله مصحف بمصر كتبه بيده، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو في غنم يرعاها، فتركها، ثم ذهب إليه، فقال: بايعني. فبايعه صلى الله عليه وسلم. شهد الفتوح، وشهد صفين مع معاوية، وأمره بعد ذلك على مصر وتوفي بها سنة ثمان وخمسين.

(كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي) الرعاية بكسر الراء هي الرعي، قال النووي: معنى هذا الكلام أنهم كانوا يتناوبون رعي إبلهم، فيجتمع الجماعة، ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض، فيرعاها كل يوم واحد منهم، ليكون أرق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم، اهـ.

وقال الأبي: يعني إبل الصدقة المنتظر بها التفرقة، أو المعدة لمصالح المسلمين. اهـ فمعنى "كانت علينا رعاية الإبل" على تفسير النووي: كنا نقوم بخدمة أنفسنا، وليس لنا خادم يرعى إبلنا، ويؤيد هذا التفسير رواية أبي داود، ولفظها عن عقبة بن عامر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خدام أنفسنا نتناوب الرعاية: رعاية إبلنا، فكانت على رعاية الإبل ... الحديث.

والمعنى على فهم الأبي: كانت علينا -أنا وجماعة- رعاية إبل الصدقة بأجر أو بدون أجر، نتناوبها. فجاءت نوبتي ... الحديث: وتفسير النووي أقوى. والنوبة الفرصة.

(فروحتها بعشي) الرواح في الأصل يطلق على الذهاب أول النهار، وعلى الرجوع في آخره، وعليه قوله صلى الله عليه وسلم "من راح إلى الجمعة في أول النهار .. " أي من ذهب.

لكن كثر استعمال الرواح في العودة آخر النهار، قال الأزهري: وأما راحت الإبل فهي رائحة فلا يكون إلا بالعشي، إذا أراحها راعيها على أهلها، يقال سرحت بالغداة إلى الرعي، وراحت بالعشي على أهلها، أي رجعت من المرعى إليهم، والعشي من الزوال إلى الغروب، وقيل: من الزوال إلى الصباح.

(مقبل عليهما بقلبه ووجهه) قال النووي: هكذا هو في الأصول "مقبل" أي هو مقبل. اهـ. والمراد أن لفظ "مقبل" خبر لمبتدأ محذوف، والجملة في محل النصب على الحال.

والإقبال في الأصل ضد الإدبار، والمراد هنا بإقبال القلب خشوعه، وبإقبال الوجه خضوع الأعضاء.

(إلا وجبت له الجنة) أي استحق دخولها بدون عذاب سابق، وإلا فمطلق الدخول يكفي فيه مجرد الإيمان، كما هو مذهب أهل السنة، والاستثناء من عموم الأحوال.

(ما أجود هذه) أي ما أحسن هذه الفائدة وهذه البشارة، وتعجب من جودتها من جهة أنها سهلة متيسرة، يقدر عليها كل أحد بلا مشقة، مع عظم أجرها.

(فإذا قائل بين يدي يقول) أي أمامي وقريب مني.

<<  <  ج: ص:  >  >>