للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المعنى العام]-

لا شك أن الإسلام دين النظافة، ودين المحافظة على الصحة، ودين الألفة والمحبة بين أعضاء المجتمع، أهداف جليلة تتحقق من عمل سهل يسير، يشرعه الحكيم الخبير. تلك الأهداف العملاقة يغرسها عود الأراك المسمى بالسواك، مطهرة للفم من فضلات الطعام والروائح الكريهة التي تنشأ من بعض الأطعمة، أو من أبخرة المعدة، أو من خلل في اللثة وقواعد الأسنان. منظف للأسنان واللسان من الألوان الغريبة، والصفرة الطارئة، ثم هو بعد ذلك يحفظ الفم من كثير من الأمراض، والأضراس من الحفر والسوس، واللثة من الضعف والتشقق والارتخاء، ويحفظ المعدة من عفونات الطعام التي كانت قد تتراكم بين الأسنان، وبالرائحة الطيبة، والصحة البارزة، والنظافة الظاهرة تتم المودة والألفة بين الناس، تلك بعض فوائد السواك، بل هي الفوائد الدنيوية التي لا تقاس بالفوائد الأخروية، لقد جعلته الشريعة مرضاة للرب جل شأنه، وطلبته في كل حين، وعلى أي حال، وشددت طلبه في مواطن الإقبال على العبادة، ومواطن الإقبال على الأهل، ولولا الرفق بالمؤمنين لكان فرضا عليهم عند كل وضوء، وعند كل صلاة، وعند كل دخول للبيت، وعند كل قيام من نوم.

ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى، والقدوة الكاملة، محافظا عليه في كل هذه المواطن أمام أصحابه في وضح النهار، وبين أهله في جوف الليل، ويحدثنا ابن عباس أنه بات ليلة عند خالته ميمونة أم المؤمنين، ليلة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيتها عندها، وتحراها وهو صبي ليرقب أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتدي به، وليبلغ من وراءه ليقتدوا، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من آخر الليل، فيخرج من حجرته، وينظر في النجوم، ويتأمل الكون، ويتلو من كتاب الله من سورة آل عمران {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} ثم يرجع إلى البيت فيتسوك ويتوضأ ويقوم يصلي متهجدا، ثم يضطجع قليلا، ثم يقوم فيخرج متهجدا. وهكذا كان السواك شريعته كلما قام من النوم وكلما أقبل على الوضوء. فصلى الله عليه وسلم، وجعلنا من أتباعه العاملين.

-[المباحث العربية]-

(لولا أن أشق على المؤمنين) "لولا" كلمة تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره، والمصدر المنسبك من "أن" والفعل مرفوع على الابتداء، وفيه مضاف محذوف، والخبر محذوف وجوبا، وجواب "لولا" لأمرتهم، والتقدير: لولا خوف المشقة على المؤمنين موجود لأمرتهم بالسواك، فانتفى الأمر بالسواك لوجود خوف المشقة.

(أو أمتي) شك من الراوي في أي اللفظين صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>