للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: ويجوز الجماع مستقبل القبلة في الصحراء والبنيان، هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وأحمد وداود الظاهري، واختلف فيه أصحاب مالك، فجوزه ابن القاسم، وكرهه ابن حبيب، والصواب الجواز. اهـ.

إذن الهدف الإسلامي للتوجه نحو الكعبة في الأمور المحمودة، كالدعاء والاستغفار وقراءة القرآن، وعدم قصدها في الأحوال المستقبحة كالبول والغائط وممارسة سائر النجاسات. والله أعلم.

ثانيا: حكم الاستجمار بالأحجار، والاستنجاء بالماء، وكيفيته، وحكمة مشروعيته:

أما عن الاستنجاء بالأحجار فتقول الرواية الأولى "لقد نهانا ... أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم" وتقول الرواية الثانية "ونهى عن الروث والعظام، وقال: لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار"

وظاهر هاتين الروايتين أن الثلاثة شرط وإن حصل الإنقاء بواحدة، وبهذا قال الشافعية والحنابلة وإسحق وأبو ثور، وتؤيدهم أحاديث أخرى صحيحة ففي البخاري عن ابن مسعود "فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار" وعن أبي هريرة "ولا يستنجى بدون ثلاثة أحجار" وعن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن" رواه ابن ماجه وأحمد.

وقالوا: لابد في الاستنجاء بالأحجار من إزالة عين النجاسة واستيفاء ثلاث مسحات فلو مسح مرة أو مرتين فزالت عين النجاسة وجب مسحة ثالثة. وقالوا: لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن الفائدة، فلما اشترط العدد لفظا، وعلم الإنقاء فيه معنى، دل على إيجاب الأمرين.

وقالوا: ولو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف، ومسح بكل حرف مسحة أجزأه، لأنه حينئذ يقوم مقام ثلاثة أحجار في عدد المسحات، وإن كانت الأحجار الثلاثة أفضل من حجر له ثلاثة أحرف، وللقبل ثلاثة أحجار، وللدبر ثلاثة أحجار، إذا حصل الإنقاء بها، فإن لم يحصل الإنقاء بها وجب رابع، فإن حصل الإنقاء به استحب الإيتار بخامس، وهكذا يجب الإنقاء مهما زاد ويستحب الإيتار لحديث "ومن استجمر فليوتر".

وذهب المالكية والحنفية إلى أن الشرط الإنقاء فقط، ولو حصل بحجر واحد ومسحة واحدة أجزأ، وقالوا: إن الأحاديث المذكورة محمولة على الندب مبالغة في الإنقاء، لأن الثلاثة أكثر ما تستعمل غالبا، وقلما تكفي الواحدة.

وقالوا: إن أحاديث الأمر بثلاثة أحجار متروكة الظاهر عند المستدلين بها لأنهم يجيزون حجرا واحدا بثلاثة أحرف.

واستدلوا بحديث البخاري عن عبد الله بن مسعود، وفيه "فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت

<<  <  ج: ص:  >  >>