للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب جماعة منهم الشعبي والحاكم وحماد، وأحمد في أصح الروايتين عنه إلى أن المسح أفضل، قال ابن المنذر: والذي أختاره أن المسح أفضل، لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض قال: وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه. اهـ.

وذهب جماعة إلى أن المسح والغسل سواء.

هذا: ولو أخذنا بعين الاعتبار حكمة مشروعية المسح على الخفين، وهي أن الحاجة تدعو إلى لبسه، وتلحق المشقة في نزعه، فألحق بالجبيرة، كما يقول الشافعية، وأخذنا بعين الاعتبار أن الأصل الغسل، والمسح فرع، وأن الغسل متفق عليه، والمسح مختلف فيه ولو كان الاختلاف تافها، وأن الغسل هو عامة فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القصد في هذا الباب إثبات وقوع المسح منه صلى الله عليه وسلم ومشروعيته، لو أخذنا كل هذا بعين الاعتبار ما جازت المفاضلة بين الغسل والمسح، ولكان القول واحدا لا تردد فيه، وهو أن الغسل أفضل والمسح جائز. والله أعلم.

ثانيا: ولتحديد مفهوم الخف أو ما يقوم مقامه نعرض إلى ما كان معروفا عند العرب مما يلبس في القدمين فقد كانوا يعرفون الخف والنعل والجورب والجرموق.

أما الخف فقد كان من جلد غالبا، وهو نظير "الحذاء" في زماننا، ويغطي الجزء المفروض غسله من الرجلين في الوضوء، وفي معناه ما كان من اللبود و "الكاوتشوك" و"البلاستيك" والمعجونات الصناعية المشهورة في زماننا.

وشرط المسح عليه أن يكون سليما، فإن كان ممزقا في مكان الفرض بحكم القدم أو بالصناعة لم يجز المسح عليه عند الحنابلة والصحيح من مذهب الشافعية، وعن أبي ثور جواز المسح على جميع الخفاف، وعن الأوزاعي إن ظهرت طائفة من رجله مسح، وإن كان كثيرا لم يجز المسح، وعن أبي حنيفة وأصحابه: إن كان الخرق قدر ثلاثة أصابع لم يجز المسح، وإن كان دونه جاز وعن الحسن البصري: إن ظهر الأكثر من أصابعه لم يجز، قال ابن المنذر: وبقول الثوري أقول، لظاهر إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين قولا عاما، فيدخل فيه جميع الخفاف. اهـ. وهو قول حسن.

أما النعل، وهو يشبه إلى حد ما المعروف في مصر باسم "الصندل" أو نوعا من "الشباشب" وصورته -كما كانت عند العرب- مسطح من الجلد، ترتكز عليه القدم يجعل في وسطه سير يكون على ظهر القدم قريبا من الساق، ويسمى هذا السير بالقبال، ولبعض النعال قبالان، أحدهما يكون بين الإبهام والتي تليها والآخر يكون بين الوسطى والتي تليها، ويجتمع السيران إلى السير الذي على ظهر القدم.

قال ابن العربي: النعل لباس الأنبياء، وإنما اتخذ الناس غيره [من أحذية كاسية ونحوها] لما في أرضهم من الطين، وكانت نعله صلى الله عليه وسلم ليس فيها شعر، ولها قبالان.

وكل ما ورد في المسح على النعلين ما رواه أبو داود عن المغيرة بن شعبة "أن رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>