(لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) الرواية الصحيحة "ثم يغتسل" بالرفع، تنبيها على المانع، أي لا يبل فيه وهو يحتاجه للاغتسال منه وأجاز بعضهم الجزم عطفا على محل "يبولن" وليس بشيء، لأنه يكون الاغتسال منهيا عنه. وليس المعنى عليه، أما النصب فلا يجوز بحال، لأنه يكون بإجراء "ثم" مجرى الواو، في النصب بعدها بإضمار "أن" وهو يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما، دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقله أحد، بل البول فيه منهي عنه، سواء أراد الاغتسال فيه، أو منه، أم لا.
(هذا ما حدثنا أبو هريرة) مفعول "حدثنا" محذوف، وهو الرابط، والتقدير: حدثنا إياه.
(لا تبل في الماء الدائم الذي لا يجري)"الدائم" هو الراكد، وقوله "الذي لا يجري" تفسير للدائم وإيضاح لمعناه، قال النووي: ويحتمل أنه احترز به راكد لا يجري بعضه كالبرك ونحوها.
(لا يغتسل أحدكم)"يغتسل" بالجزم على أن "لا" ناهية، وبالرفع على أنها نافية والنفي أبلغ في النهي، لما فيه من ادعاء الاستجابة، وأنه امتثل وأصبح يخبر عنه.
(في الماء الدائم) أي الساكن، قال الحافظ ابن حجر: يقال: دوم الطائر تدويما إذا صف جناحيه في الهواء، فلم يحركهما.
(وهو جنب) جملة حالية من فاعل "لا يغتسل".
(كيف يفعل يا أبا هريرة؟ ) استفهام حقيقي عن كيفية الاغتسال إذا كان الماء دائما. والمستفهم السائب الراوي عن أبي هريرة.
(يتناوله تناولا) أي يغترف منه، ويصب على نفسه، فيصير مغتسلا من الماء، وليس مغتسلا في الماء.
-[فقه الحديث]-
موضوع هذه الأحاديث نقطتان:
الأولى: حكم البول في الماء الراكد وأضراره.
الثانية: حكم الماء القليل المستعمل في رفع حدث.
أولا: حكم البول في الماء الراكد، وأضراره: أما البول في الماء الراكد فإن الحديث الأول من مجموعتنا يقول عنه "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد" ويقول الحديث الثاني