ثم دافع مرة ثالثة فقال: قياسكم المني على الدم قياس فاسد، لأنه لم يأت نص بجواز الفرك في الدم ونحوه، وإنما جاء في يابس المني على خلاف القياس فيقتصر على مورد النص. اهـ. وكان الأولى بالعيني أن يقول: قياسكم قياس صحيح، لكنا [أهل الرأي والقياس] تركنا القياس هذه المرة واقتصرنا على النص.
ودافع مرة رابعة فقال: والرد على الحنفية برواية ابن خزيمة عن عائشة -رضي الله عنها- "كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه، وتحته من ثوبه يابسا، ثم يصلي فيه" وأن هذه الرواية تدل على ترك الغسل في الحالتين. قال: هذا الرد غير صحيح وليس فيه دليل على طهارته، وقد يجوز أن يكون عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك. فيطهر الثوب، والحال أن المني في نفسه نجس. اهـ. وهذا الدفاع من العيني أو هي دفاع، إذ لم يقل الحنفية ولا غيرهم أن نجاسة ما رطبة، أصابت ثوبا، فتشربها، يمكن تطهيره بمسحها بعود من نبات. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - جواز سؤال النساء عما يستحيا منه، لمصلحة تعلم الأحكام.
٢ - وخدمة المرأة زوجها في غسل ثيابه ونحو ذلك، خصوصا إذا كان من أمر يتعلق بها، وهو من حسن العشرة وجميل الصحبة.
٣ - خروج المصلي إلى المسجد بثوبه الذي غسل، قبل جفافه.
٤ - استدل بعضهم بقولها في الرواية الثالثة: "وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه على أن بقاء الأثر بعد زوال العين في إزالة النجاسة وغيرها لا يضر. ذكره الحافظ ابن حجر.
٥ - قال النووي: وقد استدل جماعة من العلماء بهذا الحديث على طهارة رطوبة فرج المرأة، وفيها خلاف مشهور عندنا وعن غيرنا، والأظهر طهارتها وتعلق المحتجون بهذا الحديث بأن قالوا: الاحتلام مستحيل في حق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم، فلا يكون المني الذي على ثوبه صلى الله عليه وسلم إلا من الجماع، ويلزم من ذلك مرور المني على موضع أصاب رطوبة الفرج، فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المني، ولما تركه في ثوبه، ولما اكتفى بالفرك.