للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصابها زيادة على آدم ما نزل عليها من دم الحيض والنفاس، وهكذا كتب الله عليها وعلى بناتها هذا الأذى، دم يسيل من الرحم أياما في كل شهر، من يوم وليلة إلى خمسة عشر يوما، دم أسود كريه الرائحة يتكرر شهريا مادامت خالية من الحمل وحتى سن اليأس، فإن هي حملت، وانقطع عنها مدة حملها نزل بعد الولادة أياما قد تبلغ الأربعين يوما تشمئز منه نفسها، فضلا عن زوجها، دم يحد من تشوف المرأة إلى الرجل، وتشوف الرجل إليها. وقد اختلفت معاملات الناس للحائض قبل الإسلام، فكانوا في الجاهلية يتجنبونها فإذا غلبت عليهم شهوتهم أتوها في دبرها، وكان النصارى يجامعونها في فرجها، وكان اليهود والمجوس يبالغون في هجرانها، ويتجنبونها ويعتزلونها حتى بعد انقطاع الدم لمدة سبعة أيام، ويزعمون أن ذلك في كتابهم.

وجاء الإسلام، وتساءل المسلمون؛ فنزل قوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [البقرة: ٢٢٢] فكان وسطا في المعاملة، وخير الأمور الوسط، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الحائض أن تستر ما بين سرتها وركبتها عن زوجها، لئلا تتقزز نفسه منها، وشرع مباشرتها أعلى إزارها، كما شرع مضاجعتها في الفراش الواحد واللحاف الواحد، لكنه منع وطأها في فرجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لتشد عليها إزارها، ثم شأنك بأعلاها".

-[المباحث العربية]-

(كان إحدانا إذا كانت حائضا) قال النووي: هكذا وقع في الأصول "كان إحدانا" من غير تاء في "كان" وهو صحيح، فقد حكى سيبويه في كتابه، في باب ما جرى من الأسماء التي هي من الأفعال وما أشبهها من الصفات مجرى الأفعال قال: وقال بعض العرب: قال امرأة. فهنا نقل الإمام هذه الصيغة، أنه يجوز حذف التاء من فعل ما له فرج، من غير فصل، وقد نقله أيضا ابن خروف في شرح الجمل. قال النووي: ويجوز أن تكون "كان" هنا التي للشأن والقصة. أي كان الأمر أو الحال، ثم ابتدأت، فقالت: إحدانا إذا كانت حائضا أمرها. اهـ.

ثم قال: وأصل الحيض في اللغة السيلان، يقال: حاض الوادي إذا سال. والحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة، يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها، والاستحاضة جريان الدم في غير أوانه، قال الأزهري والهروي وغيرهما: ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من العاذل، وهو عرق، فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره وقال أهل اللغة: يقال: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا، فهي حائض، بلا هاء. هذه اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى الجوهري عن الفراء حائضة بالهاء، ويقال: حاضت وتحيضت ودرست وطمثت وعركت وضحكت ونفست، كله بمعنى واحد، وزاد بعضهم: أكبرت وأعصرت بمعنى حاضت.

<<  <  ج: ص:  >  >>