للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - وأن المذي نجس، ولهذا وجب غسل الذكر منه.

٤ - واستدل به بعض المالكية والحنابلة على إيجاب استيعاب الذكر بالغسل عملا بالحقيقة، لكن الشافعية والجمهور نظروا إلى المعنى. فقالوا: يغسل ما أصابه منه، لأن الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج، فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، ويؤيده ما عند الإسماعيلي في رواية "فقال: توضأ واغسله" فأعاد الضمير على المذي، واختلف القائلون بوجوب غسله جميعه هل هو معقول المعنى أو للتعبد؟ فعلى الثاني تجب النية فيه.

قال الطحاوي: لم يكن الأمر بغسله لوجوب غسله كله، بل ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرق لبنه إلى داخل الضرع فينقطع خروجه. اهـ.

وهذا يعني أن الغسل للكل، لكنه على سبيل الاستحباب، وهو معقول المعنى.

وعن أحمد روايتان: إحداهما: غسل الذكر وحده، والأخرى غسله مع الأنثيين، ويدل له حديث ابن سعد وفيه "فتغسل فرجك وأنثييك" قال النووي: وهو محمول على ما إذا أصاب المذي الأنثيين، أو على الاستحباب.

٥ - وأخذ منه ابن دقيق العيد تعين الماء في طهارة الذكر منه، دون الأحجار، لأن ظاهره يعين الغسل، والمعين لا يقع الامتثال إلا به. والمعروف في مذهب الشافعية جواز الاقتصار على الأحجار، إلحاقا له بالبول وحملا للأمر بغسله على الاستحباب، أو على أنه خرج مخرج الغالب.

٦ - ويؤخذ منه جواز الوضوء قبل الاستنجاء إذا كان الاستنجاء على وجه لا ينتقض معه الطهارة. وقال الأبي: إن الاستنجاء من باب إزالة النجاسة فيجوز تأخيره، ولا حاجة إلى أخذه من الحديث.

٧ - ويؤخذ منه جواز الاستنابة في الاستفتاء.

٨ - وجواز دعوى الوكيل بحضرة موكله.

٩ - والاعتماد على الخبر المظنون، مع القدرة على المقطوع.

١٠ - وعلى قبول خبر الواحد.

وهذان المأخذان مبنيان على أن عليا لم يحضر السؤال والجواب، وحينئذ يقال: إنه اكتفى بخبر الواحد، مع قدرته على اليقين بالسماع شفاها فهو كالاجتهاد مع القدرة على النص.

ورد هذا التشبيه بأن عليا إنما طلب النص، ووثق بطريقه، لأن الناقل صحابي، يوثق بعلمه، أثنى الله ورسوله عليه، بعيد عن الكذب، لا سيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتفع الأمر بهذه القرائن إلى أعلى درجات الظن، الذي لم يبق معه إلا تجويز بعيد، واعترض الأبي على هذا فقال: إن الإشكال باق، لأن أعلى درجات الظن ظن، ثم أجاب بأن عليا لم يكتف بالظن، بل إنما عمل بالعلم، لما تقرر من أن خبر الواحد المحتف بالقرائن يفيد العلم، وخبر المقداد من هذا القبيل، والقرائن هي ما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>