صدقت. وإنك لنبي. ثم انصرف فذهب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه. وما لي علم بشيء منه. حتى أتاني الله به".
٥٥٩ - عن معاوية بن سلام في هذا الإسناد بمثله. غير أنه قال: كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال "زائدة كبد النون" وقال: "أذكر وآنث". ولم يقل:"أذكرا وآنثا".
-[المعنى العام]-
الحياء من الإيمان، والحياء لا يأتي إلا بخير، بهذا حث الإسلام على التخلق بخلق الحياء، حث على انقباض النفس وعدم إقبالها على أمر تخاف أن تلام وتذم عليه، وإذا خاف المسلم من اللوم والذم اجتنب السيئات، وفي الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى التخلق بهذا الخلق الكريم دعا إلى الجرأة في العلم وفي الحق، عملا بقوله تعالى:{والله لا يستحيي من الحق}[الأحزاب: ٥٣] وقوله: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها}[البقرة: ٢٦] لأن العلم يضيع بين الكبر والحياء، ولا يتعلم العلم مستحي، ومن هنا نجد الرجال والنساء في عهده صلى الله عليه وسلم يسألون عما يحتاجون من أمور دينهم ودنياهم، حتى قالت عائشة: "نعم النساء نساء الأنصار. لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
واتباعا لهذه التعاليم الحكيمة جاءت أم سليم، أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة وأم سلمة. فقالت: يا رسول الله، إني سائلتك عن مسألة تستحي المرأة من ذكرها لكن الله لا يستحي من الحق. إن المرأة ترى في المنام أن زوجها يجامعها وأنها تنزل، وتصبح فتجد بللا في قبلها، فهل عليها من غسل إذا هي احتلمت ورأت الماء؟ فتبسمت أم سلمة تعجبا، وغطت وجهها حياء، وقالت: تربت يمينك يا أم سليم. وقالت عائشة: أف لك يا أم سليم. فضحت النساء بذكر هذا الكلام الذي يستحيا من ذكره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنتما المستحقتان للإنكار والزجر، كيف تنكران على من تسأل عن دينها؟ دعوها تسأل. نعم يا أم سليم؟ . إذا كان منها ما يكون من الرجل وجب عليها الغسل قالت أم سلمة: وتحتلم المرأة وترى ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. النساء شقائق الرجال، وللمرأة ماء كما أن للرجل ماء، لكن ماء الرجل مختلف عن ماء المرأة فماؤه أبيض غليظ، وماؤها أصفر رقيق، وتعجبت أم سلمة وعائشة، إذ هما تحسان بماء الرجل ويريانه، لكن كل واحدة منهما لم تحتلم، ولم تر ماء يخرج من قبلها، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: ألستما تشاهدان شبه الولد بأمه أحيانا كما تشاهدان شبهه بأبيه أحيانا؟ قالتا: نعم، قال: فمن أين يأتي شبهه بأمه إذا لم يكن لها ماء وشهوة يلتقي بماء الرجل وشهوته؟ واقتنعت عائشة وأم سلمة وعلمتا علما يجهله أهل زمانهما، علمتا ما جاء