وقالت المالكية: ليس في الغسل شيء يندب فيه التثليث سوى الرأس بخلاف الوضوء، والفرق كثرة المشقة في الغسل.
قال في الفتح: قال ابن بطال: تستفاد المرة الواحدة من قوله: "ثم أفاض على سائر جسده"[هذه الرواية الأولى في باب الصفة الكاملة لغسل الجنابة] لأنه لم يقيده بعدد فيحمل على أقل ما يسمى، وهو المرة الواحدة لأن الأصل عدم الزيادة عليها. اهـ.
قال المالكية: ولو ثبت تثليث الغسل لنقل إلينا كغيره، وقول من قال: إن الغسل أولى بالتثليث لا يخلو عن نظر، لأنه قد غلظ فيه بإيصال الماء إلى تمام الأعضاء، فلا يغلظ فيه ثانيا من حيث التثليث، وأيضا في تثليثه من الحرج ما ليس في تثليث الوضوء.
وما قاله المالكية هو ظاهر الأحاديث الواردة في غسله صلى الله عليه وسلم" وقد مر الكثير فيها، والتثليث فيها وقع للرأس دون الجسد.
لكن القياس لا يساعدهم، فإن الغسل أولى بالتثليث من الوضوء بالبداهة لأن الروائح الكريهة محققة في الجنابة محتملة في الوضوء، أما التغليظ بإيصال الماء إلى تمام الأعضاء والمشقة في التثليث فإنهما إن صلحا علة لعدم الوجوب لا يصلحان علة لمنع الاستحباب، إذ على قدر المشقة في العبادات تكون زيادة الأجر والثواب. والله أعلم.
٣ - وجواز الاكتفاء بثلاث أكف على الرأس، وإن كان كثير الشعر.
٤ - وتقديم ذلك على إفاضة الماء على الجسد.
٥ - وما كان عليه السلف من الاحتجاج بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم والانقياد إلى ذلك.
٦ - وجواز الرد بعنف على من يمارى بغير علم، مادام قصد الراد إيضاح الحق وتحذير السامعين من مثل ذلك، فقد قصد جابر بن عبد الله بزيادة طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيريته الرد بعنف على طلب الازدياد من الماء، مثيرا إلى أن الدافع إلى ذلك إن كان هو الورع فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الورعين، وأتقى الناس لله، وأعلمهم به، وقد اكتفى بثلاث أكف، وإن كان التنطع والشك والوسوسة فلا يلتفت إليه.