٥٩٣ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت أسماء بنت شكل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله! كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من الحيض؟ وساق الحديث. ولم يذكر فيه غسل الجنابة.
-[المعنى العام]-
لقد شجع الإسلام المرأة أن تخرج للمسجد، وأن تسعى لطلب العلم، وأن تمكن من أداء رسالتها وفهمها لأمور دينها، ودخلت المرأة ميدان الثقافة وتحولت عن ميدان الجهالة حتى أطلق على بطلة قصتنا: خطيبة النساء. تلك أسماء الأنصارية، التي لم يمنعها الحياء الذي جبلت عليه المرأة من أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخص شئونها، وعما تستحيي منه قريناتها. سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام زوجه عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا رسول الله، كيف أغتسل من حيضتي؟ كيف أتطهر؟ إن الغسل من الجنابة والحيض كان معلوما أوليا، ولم يكن مجهولا لأسماء حتى تسأل عن كيفيته، لكنها كانت مؤدبة مهذبة في سؤالها، إنها قصدت ما وراء الغسل من نقاوة لمكان الحيض وتنظيفه، فذكرت شيئا وأرادت مستلزماته، وفهم الرسول الفطن صلى الله عليه وسلم ما تقصده أسماء، لكنه كان أكثر منها أدبا وتهذبا، فأجاب عن الشيء ثم أتبعه مستلزماته المقصودة. قال: تأخذ إحداكن ماء غسلها ومواد نظافتها، فتغسل مواطن النجاسة، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، ثم تصب على رأسها وتدلكه وتدخل أصابعها في أصول شعرها، حتى تستوثق من وصول الماء إلى جميع الشعر وبشرته، ثم تصب الماء على جسدها باستيعاب تام، ثم تأخذ قطعة من قطن أو صوف وتضع عليها شيئا من المسك أو الطيب فتطهر بها، ولما كان التطهر في فهم أسماء عبارة عن الوضوء والغسل تعجبت كيف تتطهر بقطعة القطن الممسكة فقالت: كيف أتطهر بها؟ ولم يكن من السهل على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لها: ادلكي بها داخل فرجك. فقال: سبحان الله كيف لا تفهمين بالإشارة؟ تطهري بها، وغطي وجهه بيديه، وفهمت عائشة مقصده وحياءه، فجذبت أسماء بعيدا وأسرت إليها، وقالت لها بخفاء في أذنها وبمنتهى الأدب وطهارة اللفظ: تتبعي بها أثر الدم، وامسحي بها المكان الذي خرج منه الدم.
وفهمت أسماء وخرجت وضحكت عائشة من هذا الموقف الصعب، لكنها قدرت أسماء قدرها، وقدرت فيها شجاعة المرأة المسلمة في سؤالها عما ينفعها وما تحتاجه في دينها، فقالت: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن حياؤهن من أن يتفقهن في دينهن.
-[المباحث العربية]-
(سألت امرأة) هي أسماء بنت شكل المصرح باسمها في الرواية الرابعة و"شكل" بفتح