وسوأته، أي لم يكتف برؤيتهم لموسى وهو يجري، بل أوقف الله الحجر وموسى عندهم ليتأكدوا من براءته مما آذوه به.
(فطفق بالحجر ضربا) "طفق" بكسر الفاء وفتحها، لغتان، وهي من أفعال المقاربة وتدل على الشروع، والباء زائدة، و"الحجر" مفعول به لفعل محذوف أي يضرب الحجر ضربا، والجملة خبر "طفق" والمعنى جعل وأقبل وصار ملتزما بضرب الحجر. قيل: يحتمل أنه أراد بضربه إظهار المعجزة بتأثير ضربه فيه، ويحتمل أنه أوحى إليه أن يضربه لإظهار المعجزة.
(إنه بالحجر ندب) اسم "إن" ضمير الحال والشأن، و"بالحجر ندب" خبر ومبتدأ والجملة خبر "إن" والندب بفتح النون والدال هو الأثر.
(ستة أو سبعة ضرب موسى بالحجر) "ستة أو سبعة" خبر مقدم و"ضرب موسى بالحجر" مبتدأ مؤخر، والباء زائدة في مفعول المصدر.
(لما بنيت الكعبة) أي لما بدأ بناؤها، والكعبة ذاك البيت المبني في الحرم المكي، سميت بذلك لعلوها وارتفاعها، ومنه الكعب للعظم البارز في القدم، وقيل: لاستدارتها وعلوها، ومنه قيل: للفتاة كاعب، إذا برز ثديها واستدار، وقيل: لأنها مكعبة الشكل طولها مثل عرضها مثل ارتفاعها.
(اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة) وفي رواية "على عنقك" وفي رواية "على منكبك" والعاتق ما بين المنكب والعنق، وهو مذكر، وبعض العرب يؤنثه، وأنكره بعضهم، وقال: هذا لا يعرف. وقد أنشد ابن عصفور في ذكر الأعضاء التي تذكر وتؤنث:
وهاك من الأعضاء ما قد عددته ... يؤنث أحيانا وحينا يذكر
لسان الفتى، والعنق، والإبط، والقنا ... وعاتقه. والمتن والضرس يذكر
وعندي ذراع، والكراع، مع المعا ... وعجز الفتى، ثم القريض المحبر
كذا كل نحوي حكى في كتابه ... سوى سيبويه وهو فيهم مكبر
يرى أن تأنيث الذراع هو الذي ... أتى، وهو للتذكير في ذاك منكر
(فخر إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء) أي فسقط رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأرض مغشيا عليه، أي مغمى عليه، وذلك لظنه انكشاف عورته، و"طمحت عيناه" بفتح الطاء والميم أي ارتفعت إلى السماء.
(لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة) "المنكب" بفتح الميم وسكون النون وكسر الكاف مجتمع رأس الكتف مع العضد، وجواب "لو" محذوف إن كانت شرطية، وتقديره: لكان أسهل عليك، وإن كانت للتمني فلا حذف، والمراد: وضع الإزار على المنكب ليكون حائلا بين الحجارة والكتف تخفيفا لصلابة الحجارة على الكتف.