والنحو عن خاله الفقيه مختار، ثم ارتحل للشرق فحج عام تسعين وثمانمائة ولقي السيوطي وخالد الأزهري شارح التوضيح وغيرهم، ثمَّ آب لبلاده في زمن فتنة سنين عالي الخارجي فجلس للتعليم فأخذ عنه جماعة منهم أخوه الفقيه القاضي محمود بن عمر قرأ عليه المدونة وغيرها، ولم يزل دؤوبًا مجتهدًا في تعليم العلم وتحصيله حتى توفي ليلة الجمعة من ربيع الثاني عام اثنين وأربعين وتسعمائة عن نحو ثمانين سنة، وطلب للإمامة فامتنع فضلًا عن غيرها وترك أولادًا نجباء، رحمهم اللَّه تعالى.
ومن كراماته، كما اشتهر عند الناس، أنه لما زار القبر الشريف طلب الدخول في داخله فمنعه القيمون منه فجلس على الباب يمدحه -صلى اللَّه عليه وسلم- فانفتح الباب وحده بلا تسبب من أحد فتبادر الحاضرون بتقبيل يده، هكذا سمعت الحكاية من والدي وغيره، وهي مشهورة عند الناس، وحدثني والدي -رحمه اللَّه- أنَّه سأله عنها فسكت فلم يجبه.
١٣٦ - أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن داود البلوي أبو جعفر (١).
وصفه الشيخ ابن غازي في فهرسته بالفقيه المتفنن المشارك الحجة الجامع الضابط الناظم الناثر البليغ الأكمل الأدري- اهـ.
قلت: أخذ عن والده العالم أبي الحسن وعن العالم الصالح أبي الحسن القلصادي وعن أبي محمد عبد اللَّه بن إبراهيم الجابري الغرناطي، وعن الإمام المواق، وبتلمسان عن الكفيف ابن مرزوق وأجازه ابن غازي. وستأتي ترجمة أبيه في حرف العين، ارتحل مع أبيه واخوته من غرناطة بعد التسعين وثمانمائة فنزلوا بتلمسان، وأخذ عمن أدرك من شيوخها حينئذ، ثم ارتحل إلى بلاد المشرق، وله شرح الخزرجية في العروض وغيره، ولم أقف على وفاته.
(١) من تصانيفه شرح على الخزرجية في العروض، وفرائد الفوائد في فنون غير واحد. معجم المؤلفين ١: ٣١٦، كشف الظنون ١١٣٦، ١٢٤٣.