ساعيًا في حوائج معارفه وغيرهم باذلًا جهده فيه، معظمًا عند الأمراء والخاصة والعامة، فصيح الكلام والكتب ناظمًا مجيدًا عارفًا بأصول الفقه واللغة مشاركًا في بقية العلوم، لازم والده كثيرًا فسمع وقرأ وأخذ عن الأخوين الإمامين الفذين ابني الإمام أبي زيد وأبي موسى وابن جابر الهواري والمسند عبد المهيمن الحضرمي، وأجازه من الشرق الشرف الدمياطي والتاج الشرافي والشراف الطبري وغيرهم. مولده عام ثمانية عشر وسبعمائة، وتوفي موفى عشرين من ذي القعدة عام أحد وثمانين.
٥٦٠ - محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن علي بن إبراهيم الغساني البرجي (١).
من برجة الأندلس الغرناطي، قال في الإحاطة: فاضل مجمع على فضله صالح الأبوة طاهر النشأة بادي الصيانة طرف في الخير والحشمة، صدر في الأدب جم الشاركة ثاقب الذهن جميل العشرة ممتع المجلس حسن الحظ والشعر والكتابة فذ في الانطباع يحكم كثيرًا من الآلات العملية ويجيد تفسير الكتاب، رحل للعدوة فاشتمل عليه السلطان الكبير أبو عنان فنوه به وملأ بالخير يده فاقتنى جدة وحظوة وشهرة وانقباضًا مع استرسال الملك وأثر الدعة، ومهد في رحلة طلب المشرق فأسعف به، ثم تولى قضاء فاس فسدد مع نزاهة، وهو الآن بحالة الموصوف من مفاخر بلده، نسيج وحده في السلامة والتخصيص واجتناب الفضول، واستعمل سفيرًا عند الفشتالي وغيره- اهـ.
قال ابن خلدون: كان كاتب السلطان أبي عنان وصاحب الإنشاء والسر، مختصًا به نشأ بالأندلس واجتهد في العلم والتحصيل وقرأ وسمع وتفقه على شيوخ الأندلس واستبحر في الأدب وبرز نظمًا ونثرًا، وكان لا يجارى في كرم الطبع وحسن العشرة ولين الجانب وبذل البشر والمعروف، رحل لبجاية في عشر الأربعين وسبعمائة فتولى خطة الإنشاء بها ثم نزل تلمسان بعد تملك أبي الحسن المريني بجاية ثم استكتبه أبو عنان، ثم تولى قضاء فاس في زمن أبي
(١) انظر ترجمه في جذوة الاقتباس ص ٣١١ - ٣١٢، الإحاطة في أخبار غرناطة ٢: ٢٩٣، التعريف بابن خلدون ٧/ ٤٠٢، الكتيبة الكامنة ص ٢٥٠، نفح الطيب ٦/ ٦٨.