الحناط، وتفقه بهما وسمع منهما وأخذ اللغة والأدب عن ابن أبي الخصال وأبي بكر اللياتي، وأجازه المازري، وكان فقيهًا مشاورًا عالمًا بالفتيا صدرًا فيها، حافظًا للمسائل عارفًا بالشروط أديبًا بليغًا مدركًا نحويًا لغويًا فكه المجلس، له حظ من قرض الشعر، ولي الأحكام وأفتى إلى أن مات. مولده ثالث عشر صفر سنة اثنين وثمانين وأربعمائة، وتوفي آخر سنة اثنين وستين وخمسمائة، وقيل: سنة تسع وخمسين.
٣٩٤ - علي بن محمد بن هذيل البلنسي أبو الحسن (١).
قال ابن الأبار: روى عن سليمان بن نجاح المقري واختص به وتحقق، لازمه عشرين سنة وأخذ عنه القراءات وسمع منه جل روايته، وهو أثبت الناس فيه، سمع البخاري من أبي محمد الدكلي ومسلمًا وأبا داود من طارق بن يعيش، والترمذي من ابن سعادة، وأجازه أبو علي بن سكرة.
وكان منقطع القرين في الفضل والدين، والورع والزهد والصلاح، مع ثقة وعدالة وتواضع وإعراض عن الدنيا والتقلل منها، صوامًا قوامًا كثير المعروف والصدقة، إذا خرج لضيعته تبعه الطلبة من قارئ وسامع الحديث، وهو منشرح الصدر منطلق الوجه طويل الاحتمال لا يضجر ولا يسأم مع كبره، أسنّ وعمّر. وهو آخر من حدث عن أبي داود بالأندلس سماعًا، انتهت إليه رئاسة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وصحتها وإمامته فيه وشهرة عدالته، انتفع الناس به طويلًا ورحلوا إليه.
أقرأ وأسمع ببلنسية نيفًا وستين سنة، مولده بعد السبعين وأربعمائة وقيل: عام أحد وسبعين، توفي عن نيف وتسعين في رجب سنة أربع وستين وخمسمائة، وحضر جنازته السلطان وغيره، وتبعه ثناء جميل، وتزاحم الناس على نعشه يتمسحون به، وكان يسأل اللَّه في مرضه موته يوم الجمعة حتى عرف من حاله، ثم قبض يوم الخميس ودفن يوم الجمعة.
(١) انظر ترجمته في شجرة النور الزكية ص ٧٤٧، وتكملة الصلة ٢/ ٦٦٢.