للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأصحابه: هذا ابن مجاده لا مطمع لأحد فيه أما رأيتموه حين دخل علينا قدّم رجله اليسرى فلما خرج قدم رجله اليمنى.

ولما ملك منصور الموحدين، وكان غاية في العلوم والتفنن فيها قدم اشبيلية لرؤية ابن مجاهد والتبرك به، فحاول بكل وجه أن يصل إليه فامتنع من ذلك، فبينما هو ذات ليلة في داره إذا بأمير المؤمنين في خاصته يدق عليه الباب فأذن له فدخل عليه وسأله الدعاء وانصرف فرحًا مسرورًا بإقباله عليه ودعائه له، وكان قوته من الخبز قرصة في يومين، وكثيرًا ما يتصدق بها ويبقى طاويًا يومًا أو يومين إلى أن توفى سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

وذكر الإمام أبو إسحاق الشاطبي أن ابن مجاهد كان محافظًا على ترك الدعاء بإثر الصلوات على الهيئة، تصميمًا منه على مذهب مالك أنه مكروه فنزل في جواره رجل من عظماء الدولة وأهل الوجاهة وأمره أن يدعو فأبى وبقي على عادته ثم صلى العشاء في المسجد وخرج لداره، قال لمن حضره: قلت لهذا الرجل يدعو بعد الصلوات فأبى، ففي غد أضرب رقبته بهذا السيف وأشار لسيف في يده، فخافوا على ابن مجاهد منه فرجعت الجماعة إلى ابن مجاهد بجملتها فقال: ما شأنكم؟ قالوا واللَّه خفنا عليك من هذا الرجل، اشتد غضبته عليك في تركك الدعاء فقال لهم: لا أخرج عن عادتي فأخبروه بالقصة، فتبسم فقال انصرفوا ولا تخافوا فهو الذي تضرب رقبته غدًا بذلك السيف بحول اللَّه ودخل داره وانصرفوا عن ذعر، ففي الغد جاء إلى دار الرجل قوم من صنفه مع عبيد المخزن وحملوه فتبعه قوم من أهل المسجد ممن على خبر البارحة حتى وصلوا به إلى دار الإمارة فضربت رقبته بسيفه ذلك، تحقيقًا للكرامة- اهـ.

٤٩٠ - محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن فرج بن أحمد بن حريث الغافقي (١).

أبو القاسم، يعرف باللاحي، كان محدثًا راوية أديبًا مؤرخًا فاضلًا


(١) انظر ترجمته في: الإحاطة. . . . . . /. . . . .، تكملة الصلة ٣٢٣، تذكرة الحفاظ ٤/ ١٨٩، فهرس الفهارس ٢/ ٨٨٤.

<<  <   >  >>