الأربعاء فاتح تسعة وخمسين، ولما احتضر كبّر إحدى عشرة مرة ثم قضى وتنوّر لونه بعد موته وقال غاسله، وكان صالحًا، ما رأيت مثل نوره لميت، صلى عليه السلطان فمن دونه. مولده سنة سبع وتسعين وثمانمائة.
وكان شديد التغيير للمنكر لا يتمالك عند رؤيته حتى يغيره بيده وكثيرًا ما يحسد ويؤذى فيصبر، أصله من يسيتن بربر من أعمال دبد ينتمون للشرف، كان أبوه وجده ينتمون لذلك وتورع هو عنه. أخذ عنه جماعة كأبي الحسن السكتاني قاضي مراكش.
له تآليف منها: جزء على التاجوري في تصحيح قليلة فاس والرد على مخلوف البلبالي في إنكاره القول بطهارة بول المريض الذي باله بأوصاف الماء بلا تغير، وكان مخلوف ألف فيه تأليفًا رد به على من نقل طهارته سلك فيه طريقة المعقول فناقصه، والرد على عبد الوهاب الزقاق في زعمه صحة الخلف في وعيده تعالى، وشرح مختصر خليل وصل إلى النواقض وتأليف في حقوق السلطان على الرعية وحقوقهم عليه، وتأليف في الرد على من زعم أن لا إله إلا اللَّه لا ينتفي بها ألوهية صنم وغيره ونحوه مما عبد دونه تعالى -اهـ- ملخصًا.
٧٢٩ - محمد بن مهدي الدرعي الجَراري (١).
وجرار، بفتح الجيم، على وزن فعال نسبة لقبيلة من العرب بسوس الأقصى، قال تلميذه عبد الواحد الشريف في فهرسته: كان آية في حسن الطوية وسلامة الصدر وحسن الخلق والأنقباض عن الدنيا وزينتها والزهد فيها، دعاه الملوك لدنياهم فما التفت إليها وأعطوه صلات فلم يئن لها عنانًا مع فادح الضرورة.
كساه اللَّه هيبة عندهم فلا أذل في نفسه من العمال فلا يلقي لهم بالًا ولا يرون منه اهتبالًا، أفنى عمره في العلم والتعليم صبورًا في ذلك فانتفع به كل من قرأ عليه لصلاح نيته وسيرته في الإقراء والاقتصار على تصحيح المتن