قصدي المؤمل في جهري وإسراري ... ومطلبي من إلهي الواحد الباري
شهادةٌ في سبيلِ اللَّه خالصةٌ ... تمحو ذنوبي وتنجيني من النَّار
إن المعاصي رجسٌ لا يطهرها ... إلا الصوارمُ من أَيمان كُفَّار
ثم قال في اليوم: أرجو أن يعطيني اللَّه ما سألته في هذه الأبيات، قال الوزير: فقلت له: وجعلت للكفار يمينًا فلو كان غير هذا اللفظ موضعه، فقال لي: والحطمة في الناس من أيدي الكفار، قال فكان آخر عهدي به، رحمه اللَّه.
قال الحضرمي: كان رجلًا ذا مروءة كاملة، حافظًا متفننًا ذا أخلاق فاضلة وديانة وعفة وطهارة، وشهرته دينًا وعلمًا أغنت عن التعريف به، له جملة تآليف في غير فن وبرنامج لا بأس به. ولد تاسع عشر من ربيع الأول عام ثلاثة وتسعين وستمائة -اهـ- ومن خطه نقلت.
٥٢٦ - محمد بن يحيى بن عمر بن الحباب (١).
وبه عرف، التونسي، أحد معاصري ابن عبد السلام، أخذ عن ابن زيتون وغيره وكان إمامًا بارعًا محققًا علامة أصوليًا جدليًا نحويًا متفننًا، وقع له مع ابن عبد السلام مناظرات، وعنه أخذ ابن عرفة الجدل والمنطق والنحو، ونقل عنه في مختصره وغيره أشياء، وأخذ عنه الإمام المقري والشيخ خالد البلوي. وعرّف به في رحلته، فقال: واحد الزمان وفريد البيان والتبيان العديم النظراء والأقران المرتقي درجة الاجتهاد بالدليل والبرهان، العالم المشاور أبو عبد اللَّه بن الحباب حبر بحر حافظ لافظ ذو أبهة وبهاء وحبوة مملوءة من علم، خالية من ازدهاء وخلقة سمت في مطالع الحسن إلى أنهى كمال انتهاء برع بأحسن الصور وبرع من الجمال أرفع الصورة، انفرد بفنَّي المنقول والمعقول، واتَّحد في علمي اللسان والبيان فما يجاري، في شيء من ذلك ولا يباري، وهو فيما عدا ذلك من الفنون يفوق الصدور، ويفيض على مزاحمة
(١) ترجمته في شجرة النور الزكية ص ٢١٨، وانظر رحلة البلوي ١/ ١٧٨ - ١٧٩.