بالجد إلى تآليف أحكم أصولها وأتقن فصولها مع توفية الأغراض باختصار وإيجاز ومآخذ تكاد ينسب للإعجاز، فإليها يطمح الأمل وبها الاعتماد وعليها العمل، هذا مع حسن إلقاء وملاحة إشارة وإيماء ونبل تنبيه ولطف توجيه وإصابة تنظير وإجادة تنقير، وقل ما ترى العين أو تسمع الأذن بأصل في الأصول وأفرع للفروع وأبرع في نقد الفروع، واعترف بتأليف ابن الحاجب وفتح مقفلاته وحل مشكلاته، قرأت عليه نصف مختصري ابن الحاجب الأصلي والفرعي قراءة بحث وسمعت عليه كثيرًا من التهذيب وغيره من كتب الفقه والأصول والعربية ومن تآليفه كشرح المعالم الفقهية ومختصر التهذيب وشرح في مجلدات عديدة، وشرح الحاصل وغيرها. مولده سنة ثمان وستمائة -اهـ- ملخصًا.
قلت: وتوفي في الوباء العام سنة خمسين وسبعمائة، ذكره ابن الخطيب القسنطيني، والعجب من ابن فرحون حيث لم يذكره في الديباج أصلًا، مع كثرة نقله عنه في تبصرته وشرحه.
٥٤٠ - محمد بن سليمان السطي (١).
الفقيه حافظ المغرب العلّامة الفرضي الجليل، قال ابن خلدون: وسطة بطن من أوربة بنواحي فاس أخذ العلم عن إمام المالكية بالمغرب الطائر الذكر أبي الحسن الصغير وتفقه عليه، وكان أحفظ الناس للمذهب وأفقههم فيه، وأخذ الفرائض عن الشيخ أبي الحسن الطنجي، ختم عليه الحوفية ثمان ختمات، وكانت له في فهمه وإقرائه وحل عقده اليد الطولى، واختاره السلطان أبو الحسن المريني مع جماعة من العلماء لصحبته وكان أبو الحسن لدينه وسرارته وبعد شأوه في الفضل يتشوق لتنويه مجلسه بهم فقدم السطي معه تونس وشهدنا وفور فضائله.
(١) ترجمته في شجرة النور الزكية ص ٢٢١، ألف سنة من الوفيات ص ١١٧، درة الحجال ٢/ ١٣٤ - ١٣٥، التعريف بابن خلدون ٩/ ٣٨٩، فهرس الرصاع ٨٧.