مولعًا بالتصوف كثير المطالعة لكتبه كلفًا بأفعال الخير مبادرًا لقضاء الحوائج على سنن الصالحين، إذا رأيته سرك أن ترى ابن سيد المرسلين، شرّق وحج ولقي شيوخًا جلة وأعلامًا مشاهير، وأخذ عنهم وروى وقيّد كثيرًا وخطب بالجامع الأعظم نيفًا على اثنين وثلاثين سنة من عام واحد وسبعمائة إلى وفاته، صنف في التصوف مطالع أنوار التحقيق والهداية، مولده تقريبًا عام ثمانية وستين وستمائة وتوفي بغرناطة سحر الخميس ثالث وعشرين من صفر عام أربعة وأربعين وسبعمائة وكان يومًا مشهودًا احتفل الناس بجنازته وتزاحموا تزاحمًا بعد العهد بمثله، سمعني يومًا أنشد قول بعض الغرباء بعد أن شكوت ما لحقني من الغربة لبعض الأصحاب:
رَحِمَ اللَّه مَنْ دَعَا لِغَريبٍ ... شَتَّتَتْهُ العِدَا عن الأوطانِ
ورماهُ الزمانُ منهُ بصرفٍ ... آهِ واللَّه من صروفِ الزَّمَانِ
فأخذ يسليني وقال لي: لا تكترث فلقد شكوت حالي أيام رحلتي لشيخنا الإمام ناصر الدين المشذالي ببجاية فقال لي عن بعض المشايخ: إنه كان يقول: إن اللَّه عز وجل يثير الهمم لسعي القدم لرزق قسم أو موت حتم -اهـ- ملخصًا.
٣٧٧ - عمر بن عثمان الونشريسي المكناسي أبو حفص (١).
قال ابن الخطيب في نفاضة الجراب: كان فقيهًا مدرسًا أستاذًا في فن العربية، حضرت مذاكرته في مسألة أعوزت عليه وطال سؤاله عنها وهي قول الشاعر: