للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نظر في كتاب إلا مرّة واحدة، أشكلت عليه مسألة هندسية فنظر فيها كتبًا كثيرة أيامًا فلم عدها فقال هكذا أتعب نفسي بالمطالعة فتركها وتدبر المسألة بعقله حتَّى اتقنها قال: وكان شيخًا حسن الأخلاق سليم الصدر يقول لكل من جاءه للقراءة أقرأ في أي علم شئت، وليس له طعام مخصوص إنما يأكل من طعام مخلوط بطعام يعطى للسعاة من الديار، قال: وكنت أحضره مع شبان لهم فهم ثاقب في الفرائض فبنفس ما يشير عليهم بشيء فهموه وحصلوه، وأنا لا أفهم شيئًا فتخلفت عن مجلسه أيامًا ثم جئته ووجدته وحده فقال لي: تغيبت عنا فقلت يا سيدي أنا لا أعرف شيئًا ولا أفهم شيئًا فقال لي: إن أردت القراءة تأتيني وحدك بعد العشاء فكنت إذا صليت المغرب رفعت عشاء إلى الشيخ فيأكل منها حتَّى يكتفي فإذا صليت العشاء يقول لي اقرأ فقرأت عليه جملة من الفرائض والحساب (١) ولازمته كثيرًا، وكنت أقرأ عليه جلّ الليل، ولم أره يرقد إلا في بعض الليالي ينام وهو مستقبل- اهـ.

٦٨٠ - محمد بن الحسين بن محمد بن جماعة الأوربي النيجي، شهر بالصغير (٢).

قال ابن غازي: شيخنا الأستاذ العالم الإمام العلامة الشهير الخطير الكبير، وحيد دهره وفريد عصره، ما رأت عيناي قط مثله خَلْقًا وخُلُقًا وإنصافًا وحرصًا على العلم ورغبة في نشره واجتهادًا في طلبه وإدمانًا على تلاوة القرآن، وحسنَ نغمةٍ وتواضعًا وخشية ومروءة وصبرًا واحتمالًا وحياءً وصدق لهجة وسخاء وإيثارًا، مع قيام ليل وتبحر في القراءة وأحكامها، وبلغ في علم النحو ما لم يصل إليه أشياخه ولا أترابه مع مشاركة في سائر العلوم الشرعية وحسن إدراك وقوة فهم وحب الخير للمسلمين، وربما حسد فدفع بالحسنة وصفح.

لازمته كثيرًا، ختمت عليه بالسبع، وحدثني به عن شيخه أبي العباس أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي موسى شهر بالفلالي وأبي الحسن الوهري


(١) تدل هذه القصة على مراعاة الأستاذ للفروق الفردية وعلاجها.
(٢) انظر ألف سنة من الوفيات ص ٢٦٨.

<<  <   >  >>