للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقييدًا. استخلف قبل أن يستكمل الأربعين، وقبل أن يظهر خزائن علمه من "عنوان الدراية في علماء بجاية" للشيخ القاضي أبي العباس أحمد الغبريني والد المفتي أبي القاسم.

٥ - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السلمي أبو إسحاق البلفيقي الأندلسي (١).

من أفاضل الأولياء، قال القاضي أبن عبد الملك في ذيله: كان أبو إسحاق هذا من كبار العلماء العاملين الزهاد المحققين، نشأ على الاجتهاد والانقطاع إلى اللَّه تعالى، لا يتحرك إلا بقلب حاضر ولسان ذاكر، حركاته على أقسام الشريعة، ومن كراماته أن صبيًا كان يشكو ألم الحصا فجيء به لطبيب يعالجه، وكان الطبيب لا يثبت كرامات الأولياء ويستهزئ بهم، فأتي بالصبي عند الشيخ وحمله معه إلى الطبيب، فقال له على جهة السخرية والازدراء: يا شيخ تداوي هذا الصبي؟ فتفرس ما أضمره وتغّير وجهه فاستدعى الصبيّ وأمرّ يده على صدره والأخرى على قلبه وحرّك شفتيه ورفع ثياب الصبي ونفخ تحته ثلاثًا، وقبض بعنف وقوة على دبر الصبي، فتجمع وقذف خمس حصيات في حجم الحمص مخضوبة بالدم، وسكن الألم عنه حينئذ، ثم قال الشيخ للطبيب وصاحبه: ما حملكما على إنكار مثل هذا؟ فتنصلا وخرجا على أسوأ حال.

ولما عظم ذكره وارتفع قدره ببلده (المرية) وأقبل عليه الخلق سعى به بعض الفقهاء لسلطان مراكش المنتصر أنه قد انضم إليه كثير يخاف منه، فكتب لعاملها: أن ابعث إليّ أبا إسحاق مكرمًا فقال له العامل: وجه عليك السلطان، فقام أصحابه وجمع عظيم وقالوا: اجلس ولا عليك من أحد، فقال لهم: لا تجوز مخالفة السلطان، وإني أرجو أن أموت غريبًا، فركب البحر ونزل العدوة، فلما دخل على المنتصر هابه هيبة عظيمة وأجلّه وندم على ما كان منه وسأله الدعاء، وانصرف على غاية الإكرام ثم مرض وتوفي عام ستة عشر


(١) انظر ترجمة أبي إسحاق في التكملة ١: ١٦٦، والأعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام ١: ١٥٤، وأعلام المغرب العربي ١: ٨٢.

<<  <   >  >>