قال ولده أبو العباس القلشاني: لما توليت القضاء بقسنطينة أوصاني سيدي الوالد أبو عبد اللَّه يعني صاحب الترجمة فقال لي: عليك بتقوى اللَّه سرًا وعلانية وأوصيك مع ذلك بآية وحديث، أما الآية فقوله تعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} والحديث قوله، عليه السلام:"حسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل" قال: وأوصى صديق صديقه، وقد ولى أمر الناس، بقوله:"صن أذنيك عن أخبارهم تسلم من عداوتهم، وأوف لذوي الحقوق حقوقهم تستجلب مودتهم، وشاور ذوي العقل والدين يقل عتبهم عليك، وتجاوز عن جفوة ذي الهفوة يقل ندمك، وتأنّ في الحكم يقل خطؤك، واصبر على ما تكره تصل لما تحب والسلام"- اهـ.
ويقال: إنه كان إذا رأى من ولده عمر القلشاني فتورًا في وقت طلبه أنشده قول الشاعر:
إذا أخرج الدهر حبرًا نجيبًا ... فكن في ابنه فاسد الاعتقاد
فلست ترى من نجيب نجيبًا ... وهل تلد النار غير الرماد
يحثه بذلك على الطلب.
قلت: وأخذ عنه الإمام أبو زيد الثعالبي ولازمه وذكره في بعض كتبه، وتقدمت ترجمة أبيه عبد اللَّه وأخيه أحمد وولديه أحمد وعمر، وتأتي ترجمة حفيده محمد بن عمر قاضي الجماعة، إن شاء اللَّه تعالى.
٦١٠ - محمد بن عمر بن الفتوح التلمساني ثم المكناسى أبو عبد اللَّه (١).
قال ابن غازي: الشيخ الفقيه الصالح الزاهد ولي اللَّه تعالى، حدثني شيخنا أبو زيد القرموني، وكان ارتحل إليه من فاس والي رفيقه عبد اللَّه ابن حمد فخدمهما تسعة أعوام، إن سبب انتقاله من تلمسان أنه كان من نجباء طلبتها وكان شابًا حسن الصورة مليح الشارة فموت به امرأة جميلة فجعل ينظر
(١) فهرست ابن غازي ص ٧٥، التوشيح ص ٢١٤، درة الحجال ٢/ ٢٨٤، الروض الهتون ص ٢٢، اتحاف أعلام الناس ٣/ ٥٨٧، البستان ٢٦٤، شجرة النور الزكية ٢٥١، أعلام الجزائر ص ٨٠.