مختصر خليل في أربعة أشهر ويمشي لرباط اسكندرية أربعة أشهر ويحج في أربعة أشهر، هذا حاله في العام. توفي في حدود سنة ثمان وتسعين وتسعمائة.
٧٣٦ - محمد بن محمود بن أبي بكر الونكرمي التنبكتي عرف ببغيع (١).
بباء مفتوحة فغين معجمة فياء مضمومة فعين مهملة مضمومة، شيخنا وبركتنا الفقيه العالم المتفنن الصالح العابد الناسك المفتي، من خيار عباد اللَّه الصالحين والعلماء العاملين مطبوعًا على الخير وحسن النية وسلامة الطوية والانطباع على الخير واعتقاده في الناس حتى كاد يتساوى عنده الناس في حسن ظنه بهم وعدم معرفة الشر، مع السعي في قضاء الحوائج وارتكاب ضرر نفسه فيه والتفجع لمكروههم والإصلاح بينهم ونصحهم إلى محبة العلم وملازمة تعليمه ودرسه وصرف أكثر وقته فيه ومحبة أهله والتواضع التام ومساعدتهم والاعتناء بهم وبذل نفائس الكتب الغريبة العزيزة لهم، بحيث لا يفتش بعد ذلك عنها كائنًا ما كان من جميع الفنون فضاع له بذلك جملة من كتبه نفعه اللَّه تعالى بذلك.
وربما يأتي لباب داره طالب فيرسل له براءة فيها اسم كتاب بطلبه فيخرجه من الخزانة ويرسله له من غير معرفته من هو فكان في ذلك العجب العجاب إيثارًا لوجهه تعالى، مع محبته للكتب وسعيه في تحصيلها شراء ونسخًا، وقد جئته يومًا أطلب منه كتب نحو ففتش في داره فأعطاني كل ما ظفر به منها، وكان له صبر عظيم على التعليم آناء النهار وحصل على ايصال الفائدة للبليد بلا ملل ولا كسل حتى يضجر حاضروه وهو لا يكثرت، فنفع اللَّه به كثيرًا حتى سمعت بعض أصحابنا يقول: أظن هذا الفقيه شرب ماء زمزم لئلا يمل في الإقراء تعجبًا منه لما رأى من صبره، مع ملازمة العبادة وصلاح النية والتجافي عن رديء الأخلاق وإضمار الخير لجميع البرية حتى للظلمة، مقبلًا على ما يعنيه متجنبًا الخوض في الفضول.
(١) انظر صفوة من انتشر ص ١٠١، شجرة النور الزكية ص ٢٨٧، خلاصة الأثر ٤: ٢١١، الأعلام للزركلي.