وذكر السنوسي أيضًا قال: حدثني السيد العلامة الولي سعيد بن عبد الحميد العصنوني بمنزله من ونشريس، وكان من أصحابه القدماء قال: دخلت في يوم حار عليه فوجدته في تعب عظيم والعرق يسيل عليه فقال: أتدري مم هذا التعب الذي أنا فيه؟ قلت: لا يا سيدي فقال: إني كنت آنفًا جالسًا بهذا الموضع فدخل عليّ الشيطان في صورته التي هو عليها فقمت إليه فهرب أمامي فتبعته وأنا أؤذن فما زال يهرب بين يدي ويضرط كما ذكر في الحديث إلى أن غاب عني والآن رجعت من اتباعه.
قال السنوسي: ولما قدم من الشرق وجد قرية الجمعة قد خربت وكانت سكنى أسلافه فنزل تلمسان ثم تردد خاطره في الرجوع للقرية لتجديد ما دثر منها قال: فخرجت إليها وجلست معتبرًا في آثارها كيف أخذها الخراب واستولى على أهلها الجلاء وإذا بكلب أقبل وجلس بالقرب مني وحاله في انكسار الخاطر وتغير الظاهر كحالي فقلت في نفسي هل تعود هذه القرية عامرة أم لا؟ فرفع الكلب رأسه وقال لي بلسان فصيح إلى يوم يبعثون أي لا تعود عامرة أبدًا، فلما سمعت نطقه إليّ بذلك رجعت لتلمسان- اهـ.
قال القلصادي في رحلته: وحضرت مجلس الولي الصالح الحسن أبركان وشهرته تغني عن تعريفه- اهـ.
وذكر الشيخ بن صعد جملة من كراماته في تأليفه روضة النسرين. توفي آخر شوال سنة سبع وخمسين وثمانمائة.
[١٦٩ - الحسن بن منديل المغيلي أبو علي.]
قال تلميذه ابن غازي في فهرسته: شيخنا الفقيه الحافظ المكثر الخطيب المدرس العلم العلامة، كان آية في حفظ النقول وسرد نصوص المذهب وأقاويل الشيوخ على رسالة أبي محمد، إذا حرك الكلام في العلم أتى الفيض بالمد، وكان عامة فارس يستفتونه كثيرًا ويقلدونه في دينهم ويصدرون عن رأيه ولا يبدلونه بغيره.
والناس أكيس من أن يمدحوا رجلًا ... من غير أن يجدوا آثار إحسان