وللفظه حلاوة وطلاوة، وربما حضر مجلسه أبو محمد الونشريسي مع أنه أسن منه ويتعجب من فصاحته، وهو عمدة العامة في أمورهم ودينهم يلازم سماط الوثيقة ولا يترك معه تدريس المدونة والرسالة مقتصرًا على حل اللفظ فقط. توفي سنة اثنين وستين وتسعمائة عن نحو سبعين سنة، تأسف الناس عليه وأثنوا عليه خيرًا، وكان كثير التنقل في آخر الليل. صح من فهرست المنجور.
قلت: أخذ عنه صاحبنا الشيخ المسن محمد بن قاسم القصار مفتي فاس اليوم.
٣١٣ - عبد الرحمن بن علي بن أحمد القصري ثم الفاسي السفياني (١).
عرف بسقين أبو محمد، قال المنجور في فهرسته: شيخنا الفقيه الأستاذ المحدث المسند المحقق الرحلة الحاج، أخذ عن شيخ الجماعة ابن غازي والشيخ زروق وأدرك أبا الفرج الطلبحي وجود عليه وأبا مهدي الماواسي والفقيه أبا فارس اليوقرجي وأبا زيد الحميدي والزواوي.
وشرّق سنة تسع وتسعمائة فأخذ علم الحديث بمصر عن أصحاب ابن حجر كالقلقشنري وغيره وضبط فحصل له رواية واسعة لم يحصلها من الفاسيين، ثم آب لبلاد السودان ودخل كنو وغيرها وعظموه وأعطوه مالًا جزيلًا، وذكر عن نفسه أنه افتض هناك من الجواري المهداة قريبًا من مائة جارية، وبقي هناك مدة ثم رجع لفاس سنة أربع وعشرين فتولى الخطابة بجامع الأندلس والفتوى بعد وفاة الفقيه محمد بن محمد بن الإمام القوري ثم عزل وتولاها ابن هارون فأكب على رواية الحديث واقرائه حتى توفي فاتح سنة ست وخمسين عن نحو ست وثمانين سنة. روى عنه اليسيتني وعبد الوهاب الزقاق وغيرهما، وانقطع الحديث بموته، لازم في حياته اقراء العمدة والموطأ مع رواية الكتب الستة والتفسير، قيد بخطه كثيرًا من فوائد الحديث والأدب مع ضبط وشكل يقرب في الاتقان شيخه ابن غازي، جمع كثيرًا من الكتب
(١) انظر ترجمته في جذوة الاقتباس ص ٤٥٧، درة الحجال ٣: ٩٦، ٩٧، سلوة الأنفاس ص ١٥٩، شجرة النور الزكية ص ٢٧٩.