يعز علينا أن نرى ربعكم يبلى ... وكانت به آيات حُكْمِكُمُ تتلى
فشكره والدي وأثنى عليه خيرًا.
ورد علينا أبو عبد اللَّه المذكور المرية رسولًا وأقرأ فرائض مختصر ابن الحاجب بحضرة جماعة من شيوخنا كأبي عثمان بن ليون والقاضي أبي يزيد البلوي والكاتب المتفنن أبي عبد اللَّه بن عُمر وغيرهم، وكان القاضي أبو عبد اللَّه المذكور فقيهًا ابن فقيه، مليح البحث حسن، حافظًا مستبحرًا في علم المسائل والفروع وقورًا مشاركًا في فنون العلم فاضلًا، عنده حظ من الأدب، أخذ عن والده وعن الشيخ المحدّث أبي محمد عبد العزيز بن مخلوف بن كحيلا وغيرهما. توفي يوم الجمعة ثاني شوال عام ثلاثين وسبعمائة، والزواوي نسبة لقبيلة من البربر، بفتح الزاي وكسرها، عنهم، وولده صاحبنا أبو يوسف المذكور، كان فقيهًا معظمًا خيِّرًا فاضلًا -اهـ- من فهرسة الحضرمي.
[٥١٦ - محمد بن محمد بن أبي القاسم بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن سلامة البلوي القضاعي المالكي الاسكندري.]
قال خالد في رحلته: هو الشيخ الزاهد جمال الدين أبو الفرج ابن الفقيه نجم الدين أبي البركات ابن الفقيه الصالح شرف الدين، من كبار علماء المسلمين، أعلم الناس بمذهب مالك وأعلاهم في دلالة تلك السبل والمسائل، نسب أشهر من الشمس في السماء، وحسب كاتساق النجوم في الظلماء، مع سبق في المنطق والجدل، وحذق في الأصول والفروع، وتشبث بالأدب وتمسك بالرواية، وشأنه عجيب في طرق العلم وبلوغه أعلى مراتب التقى والحلم، أطبق الناس على تعظيمه وحبه، مع انقباضه عنهم وانقطاعه لربه، يضرب به المثل في العلم والزهد، وعند كلامه يقف البحث في الفتوى، مقبلًا على الآخرة معرضًا عن زخرف الدنيا إلا ما يتخذه من ثوب حسن جيد، فترى رجلًا زينه اللَّه بهيبة وجلال وأكرمه أن يشغله بأهل أو مال، وحفظ عليه شبابه فلم تتغير ديباجته، أفادني من فنون المحفوظ والمفهوم ما لا يفيد إلا الأعلام الجلة- اهـ.