وابك شمسًا أغارها القبر وافرش ... للثرى وجنتيك بعد البساطي
وحكى الشيخ نور الدين السنهوري أنه كان بعض طلبته يحضر له طعامًا بدرهم، ففي بعض الليالي أحضر له طعامًا فلما أصبح قال للطالب: من أين لك هذا الطعام؟ فإني لما أكلته، وكان لي عادة أن أنظر في شيء من العلوم في الليل، فرأيت قلبي أسود، وكان الطالب فقيه والي القاهرة والطعام المذكور من طعام الجبابرة، وهذا مما يدل على صلاحه -اهـ- كلام السخاوي، رحمه اللَّه تعالى.
٦١٦ - محمد بن عمر الهواري (١).
الشيخ الولي الصالح العارف باللَّه القطب أبو عبد اللَّه، كان كثير السياحة شرقًا وغربًا برًا وبحرًا، أخذ بفاس عن موسى العبدوسي والقباب وببجاية عن شيخه أحمد بن إدريس وعبد الرحمن الوغليسي، وكان يثني على أهل بجاية كثيرًا لمحبتهم الغرباء والفقراء ومحافظاتهم في معاملاتهم على الخلل، وسافر من فاس للشرق للحج فيدخل مصر فلقي بها الحافظ العراقي وغيره وأخذ عنهم وجاور مدة بالحرم الشريف بين مكة والمدينة.
ثم سافر للقدس وجال ببلاد الشام، وكان في جامع بني أمية يأوي في سياحته لغيضة ملتفة فتأوى إليه السباع والوحوش العادية، ثم استقر أخيرًا بوهران مثابرًا على العلم والعمل والصدق في الأحوال، وانتفع به جمع، وعند قرب أجله كان أكثر كلامه في مجالسه في التبشير بسعة رحمة اللَّه وعفوه. قال بعضهم: وكان مقطوعًا بولايته، وعنه أخذ الإمام إبراهيم التازي كما تقدم في ترجمته، وهو صاحب التنبيه المتقدم.
قال الشيخ أبو عبد اللَّه ابن الأزرق: ووقفت لبعض العصريين أن الشيخ الولي الشهير الهواري نزيل وهران لما ألف السهو الذي عمل عليه
(١) شجرة النور الزكية ص ٢٥٤، البستان ٢٢٨، تعريف الخلف ١/ ١٧٠، الضوء اللامع ٨/ ٢٧٢، درة الحجال ٢/ ٢٨٩.