الحمد للَّه المتفضل على عباده بالتوفيق، الميسر لهم سبل التقدم بنور العلم وهدي المعرفة. . .
أما بعد. . .
فلا تخفى أهمية كتب التراجم في كونها تسجيلًا لحياة الأفراد الممتازين على اختلاف ميادين بروزهم، ودرجات تفوقهم، حين تعتبر كتب التاريخ العام تسجيلًا لأطوار الدول، وحياة الملوك. ولذا فلن تجد في الثانية ما تجده في الأولى من اهتمام بحياة الشعوب في تفاصيلها الدقيقة، وجوانبها المتنوعة، كبيان معارفهم، ووصف عاداتهم ومعتقداتهم، وربما خرافاتهم أيضًا.
وهي مع ذلك لا تهمل الأحداث التاريخية في عصر المترجم لهم وان أوردتها في إشارات عجلى وإيماءات سريعة، قد تكون غاية في الأهمية للمؤرخ العام.
وكتاب "نيل الابتهاج" مما يصدق عليه اعتباره ضمن كتب التراجم، لأنه يترجم فعلًا لفئة من الناس تجمعها صفة الاهتمام بالدراسات الدينية والعربية، وتتميز تراجمه بدقة الوصف وامتاعه، مع قدرة فائقة على إيراد التفاصيل تتمثل بخاصة في تراجم من عاصرهم المؤلف وأطال عشرتهم.