والكتاب مع ذلك لرجل من افريقيا الغربية، أسهم بقسط وفير في ربط وشائج بلاده مع الأقطار الإسلامية بصفة عامة والبلاد الافريقية الشمالية على وجه الخصوص، وقد وجد فيه طلاب كلية الدعوة الإسلامية -وأغلبهم من افريقيا- عددًا من الأمور العلمية، ومستغلقات المسائل التي يواجهها الباحث حين مباشرته لتحقيق المخطوطات، أو عند كتابته للبحوث العلمية الأخرى، ولقوا نصيبًا مما يلاقيه ذلك الباحث من العناء، وجرّبوا بعض ما يجرب من الحلول.
ولما كان هذا الكتاب ذا أهمية بالغة في بابه لتعلقه بتاريخنا الثقافي والاجتماعي، ونظرًا لنفاد طبعاته القديمة غير المحققة رأت كلية الدعوة الإسلامية أن تقدمه إلى الباحثين، وأن تطلعهم من خلاله على جانب من جهود طلابها في دراساتهم التطبيقية، شعورًا منها بأهمية هذا الجانب، في إكمال الغاية من العملية التعليمية.
وإذا كان هذا الوقف يدعو إلى الشكر فإن هذه الكلية جديرة به، يشاركهِا في الفضل أولئك الطلاب الذين عكفوا على العناية بهذا الكتاب شهورًا طويلة، ترجموا خلالها لأعلامه كلها، وخرّجوا كثيرًا من نصوصه، وعرفوا ببلدانه.
غير أن العمل بتلك الصورة -مع دلالته على الجهود المبذولة وفائدته في الدراسة التطبيقية- كان عبئًا في مرحلة الراجعة ومرحلة الطباعة ولذا رأينا عدم إثقال النص الأصلي بالتعليقات والشروح والتعريفات الإضافية، والاكتفاء بالإشارة إلى بعض المصادر لزيد التعريف بالمترجم لهم دون غيرهم، آملين أن يستكمل تحقيق الكتاب، وتستوفى العناية به في فرصة أخرى إن شاء اللَّه.
وقد يقرأ الكتاب من يرى في بعض صفحاته ما يخالف وجهة نظره، وبخاصة عند تراجم المتصوفة، فيسيء إلى قيمة الكتاب غير عابيء بما تضمنه من معارف نفيسة، وأخبار نادرة، اختص بها دون غيره من المصادر، ولذا